قال : قال رسول الله (ص) : يا علىّ ما بين يحبّك وبين ان يرى ما يقرّبه عيناه الّا ان يعاين الموت ، ثمّ تلا : (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) يعنى أعداء علىّ (ع) ، وهذا الحديث يدلّ على انّ المراد بالّذين كفروا من كفر بالولاية وهو يدلّ على شمول الآية لمطلق المؤمنين بالولاية (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) بتقدير القول مثل قوله ربّنا أخرجنا (ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) فسّر العمر الّذى يتذكّر فيه بثماني عشرة سنة ، وفي خبر انّ العبد لفي فسحة من امره ما بينه وبين أربعين سنة وبعد ذلك يوحى الله الى ملائكته انّى قد عمّرت عبدي عمرا فغلّظا وشدّدا واحفظا عليه قليل عمله وكثيره وصغيره وكبيره ، وفي خبر : العمر الّذى أعذر الله فيه الى ابن آدم ستّون سنة ، وفي آخر عن النّبىّ (ص) : من عمّره الله ستّين سنة فقد أعذر اليه (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) جملة حاليّة (فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) يدفع العذاب عنهم (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : لا يظهر عداوة علىّ (ع) والكفر به على ظاهر الأكثر فهل يعلم الله ذلك؟ ـ فقال : انّ الله عالم غيب السّماوات فكيف لا يعلم ما في قلوب عباده (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) تأكيد للازم الجملة السّابقة ولذلك لم يأت بأداة الوصل (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) لنفسه فانّه جعلكم على مثاله أو خلائف للماضين وهذه منقطعة عن سابقها وتمهيد لما بعدها ، أو هو جواب لسؤال مقدّر ناش من سابقها كأنّه قيل : هو يعلم ما في الصّدور؟ ـ فقال : هو الّذى جعلكم خلائف فكيف لا يعلم ما في صدوركم (فَمَنْ كَفَرَ) بالله أو بالنّبوّة أو بالولاية أو بنعمة الخلافة أو بمطلق النّعم (فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) لا على غيره لانّ الله عادل وعالم بكفر الكافر وايمان المؤمن (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً) فانّ مقت الرّبّ مورث لا محالة لخسار العبد (قُلْ) لهؤلاء المشركين بالله أو بالولاية أو المشركين اهويتهم بأمر ربّهم (أَرَأَيْتُمْ) قد مضى تحقيق هذه الكلمة وانّها تستعمل بمعنى أخبرونى (شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي) بدل من أرأيتم (ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) فضلا عن السّماء (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً) فيه اذن منّا في اشراكهم (فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ) من الكتاب أو من الله في الإشراك حتّى يكونوا معذورين في اتّباع الشّركاء يعنى انّ هذا امر عظيم لا ينبغي ان يأخذه العاقل من دون دليل يدلّ عليه من كون الشّريك خالقا لشيء من مواليد الأرض أو شريكا في شيء من أجزاء السّماء ، أو أسبابها المؤثّرة في الأرض ، أو كونه ذا حجّة من الله يدلّ على شراكته أو كون المشرك ذا حجة من الله تعالى وليس لهؤلاء شيء من ذلك (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ) اى المشركون أو الشّركاء في الولاية (بَعْضُهُمْ) كلّ بعض منهم أو رؤسائهم (بَعْضاً) اى كلّ بعض أو مرءوسيهم (إِلَّا غُرُوراً) وعدا لا حقيقة له بان يقول شركاء الولاية اتباعهم : نحن شفعاؤكم قالا أو حالا فانّ ادّعاء الامامة والخلافة ادّعاء للشّفاعة أو بان يقول رؤساء الضّلالة : نحن نتحمّل خطاياكم ، أو يقولوا : نحن نحفظكم من محمّد (ص) أو من البلايا ، أو ننصركم فيما دهاكم ، أو بان يقول الاتباع : نحن معكم ونغزو عدوّكم وغير ذلك من الوعد الكذب (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) اى يمسك سماوات الطّبع وأرضه من الزّوال عن أمكنتهما ، أو المراد يمسك سماوات الأرواح وأراضي الأشباح من الزّوال عن مقامهما ، أو سماوات العالم الصّغير وأرضه من الزّوال والجملة جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل: فما للشّركاء دخل في السّماوات والأرض في العالم الكبير ولا في العالم الصّغير؟ ـ فقال بنحو الحصر : انّ الله لا غيره يمسك السّماوات والأرض ان تزولا (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما