الحمّامات وطبخوا النّورة وكان اوّل ما صنعت النّورة (قالَ) لها سليمان (ع) : ليس هاهنا ماء (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ) مملّس (مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ) بعد ما علمت انّها أساءت الظّنّ بنبىّ الله (ع) (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) بالظّنّ السّوء بنبيّك (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وللاشارة الى ضعفها وعدم استقلالها بإسلامها قال : أسلمت مع سليمان (ع) واختلف في أمرها ، فقيل : انّه تزوّجها سليمان واقرّها على ملكها ، وقيل : انّه زوّجها من ملك يقال له تتّبع وردّها الى أرضها ، وامر أميرا من أمراء الجنّ باليمن ان يطيعه ويعمل له ، فصنع له المصانع باليمن (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ) مؤمنون وجاحدون (يَخْتَصِمُونَ قالَ) صالح (ع) لهم بعد ما قالوا فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصّادقين (يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ) بالعذاب (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) اى قبل سؤال الرّحمة (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ) لولا تطلبون مغفرته وعفوه عمّا فعلتم (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) منه (قالُوا اطَّيَّرْنا) تشأمّنا (بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) يعنى انّك منذ ادّعيت ما ادّعيت وأتيت بدين جديد ابتلينا بالقحط والجدب والأمراض وليس الّا بشؤم دينك الجديد ، وقد مضى في سورة الأعراف وجه اطلاق التّطيّر على التّشأّم (قالَ) لهم صالح (ع) (طائِرُكُمْ) اى سبب خيركم وشرّكم أو سبب شرّكم (عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) تختبرون بالخير والشّرّ لعلّكم تذكّرون انّ هذه بشؤم أعمالكم فتلتجؤن الى الله وتصدّقون رسوله (ع) ، أو المعنى أنتم قوم تعذّبون بتلك البلايا بشؤم أعمالكم (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ) مدينة صالح (ع) (تِسْعَةُ رَهْطٍ) الرّهط ويحرّك قوم الرّجل وقبيلته وتكون من ثلاثة أو سبعة الى عشرة أو ما دون العشرة ولا واحد له من لفظه وكان هذه الارهط من أشراف قوم صالح (ع) وهم الّذين سعوا في عقر النّاقة (يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) ارض مدينتهم ونواحيها وارض عالمهم الصّغير (وَلا يُصْلِحُونَ) حتّى يجعل إصلاحهم جبرانا لإفسادهم (قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ) امر ومقول للقول أو ماض وبدل من قالوا أو حال من فاعله والمعنى تحالفوا بالله لئلّا يتخلّف بعض (لَنُبَيِّتَنَّهُ) اى لندخلنّ عليه في اللّيل لقتله (وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ) اى ولىّ دمه قرئ الفعلان بالنّون وفتح الآخر وبالتّاء وضمّ الآخر (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ) هلاكهم أو وقت هلاكهم أو مكان هلاكهم يعنى ما علمناه فكيف بتولّينا وانّما قالوا مهلك اهله ولم يقولوا مهلكه اشعارا بانّ مهلكه أصعب من مهلك اهله ومن لم يشهد مهلك اهله لم يشهد مهلكه بالطّريق الاولى ، أو ورّوا بذلك وكان مقصودهم ما شهدنا مهلك اهله فقط بل مهلكه ومهلك اهله ولذا قالوا (وَإِنَّا لَصادِقُونَ وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً) تسمية فعل الله بالمكر امّا من باب صنعة المشاكلة أو للتّشبيه بمكر العباد والّا فالماكر لعجزه عن إعلان الاساءة يخفى الاساءة ويظهر ارادة الإحسان ليقدر على إنفاذ إساءته والحقّ تعالى شأنه ليس عاجزا عن إنفاذ مراده حتّى يخفيه لعجزه (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بإساءتنا المختفية (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ) قرئ بكسر الهمزة على الاستيناف بجعله جوابا لسؤال مقدّر ، وقرئ بفتح الهمزة على ان يكون بتقدير اللّام أو الباء أو في ، أو على ان يكون بدلا من اسم كان أو خبرا لكان وكيف يكون حينئذ حالا أو على ان يكون انّا دمّرناهم خبر مبتدء محذوف (وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) قيل كان لصالح (ع) بالحجر الّتى هي بلاد ثمود مسجد في شعب يصلّى فيه وقد وعدهم نزول العذاب بعد ثلاثة ايّام فقال التّسعة الارهاط يزعم انّه يفرغ منّا بعد ثلاثة فانّا نفرغ منه ومن اهله قبل الثّلاثة فذهبوا الى الشّعب ليقتلوه فوقع عليهم صخرة فطبّقت عليهم فم الشّعب فهلكوا ثمّ وهلك الباقون في أماكنهم بالصّيحة (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً) من خوى الدّار مكسور العين ومفتوحها إذا خلت ، أو من خوت مفتوح العين فقط إذا تهدّمت ، وقيل : انّ هذه