كانت النّساء يبرزن في الملل الباطلة للرّجال من غير حجاب ولا شكّ انّ دواعي الرّيبة تكون أكثر إذا كنّ بلا حجاب (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ) من الرّيبة (وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) عطف للتّعليل للجمل السّابقة وللتّمهيد لما يأتى (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) لما سبق انّ أزواجه أمّهاتهم (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً) كارادة نكاحهنّ بان تقولوا بألسنتكم (أَوْ تُخْفُوهُ) بان لا تظهروه بألسنتكم (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) تهديد ووعيد ، عن القمىّ في نزول الآية : انّه لمّا انزل الله النّبىّ اولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم ، غضب طلحة فقال يحرّم محمّد (ص) علينا نساءه ويتزوّج هو بنسائنا ، لئن أمات الله محمّدا (ص) لنركضنّ بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا ، فأنزل الله تعالى : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) (الآية) ولا اختصاص لهذا الحكم بالمدخول بهنّ فان المعقودة الغير المدخول بها في حكم أزواج الآباء ، قيل : لمّا قبض رسول الله (ص) وولّى النّاس ابو بكر أتته العامريّة والكنديّة اللّتان لم يدخل بهما رسول الله (ص) وألحقهما باهلهما وقد خطبتا ، فاجتمع أبو بكر وعمر وقالا لهما اختارا ان شئتما الحجاب وان شئتما الباه فاختارتا الباه فتزوّجتا فجذم أحد الزّوجين وجنّ الآخر. وقد روى انّ هذا الحكم يجرى في الوصىّ أيضا يعنى لا يجوز لمن آمن به ان ينكح زوجه (لا جُناحَ عَلَيْهِنَ) استيناف جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : هل حكم الحجاب جار في المحارم؟ أو جواب لسؤال مذكور على ما روى انّه لمّا نزلت آية الحجاب قال الأقارب : يا رسول الله (ص) أو نكلّمهنّ نحن أيضا من وراء حجاب؟ فقال : لا جناح عليهنّ (فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَ) اى النّساء المؤمنات (وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) قد مضى في سورة النّور بيان نسائهنّ وبيان ما ملكت ايمانهنّ (وَاتَّقِينَ اللهَ) صرف الخطاب عن المؤمنين إليهنّ تنشيطا لهنّ للايتمار (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) حتّى على نيّتكنّ وإبداء زينتكنّ (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ) استيناف جواب لسؤال ناش من الاهتمام بشأن النّبىّ (ص) وتفخيمه واسترضائه كأنّه قيل : ما بال النّبىّ (ص) وقد بالغ الله في تعظيمه وتحفّظ نسائه؟! أو ابتداء كلام منقطع عن سابقه وتمهيد لأمر المؤمنين بالصّلوة عليه (يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ).
اعلم ، انّ الاخبار في فضيلة الصّلوة على محمّد وآل محمّد وانّها أفضل من جملة الاذكار من طريق الخاصّة والعامّة أكثر من ان تحصى ، ففي بعض الاخبار : من صلّى عليه في دبر كلّ صلوة الصّبح وصلوة المغرب قضى الله له مائة حاجة ، سبعين في الدّنيا وثلاثين في الآخرة ، وفي بعضها : انّ ملكا قائم الى يوم القيامة ليس أحد من المؤمنين يقول : صلّى الله على محمّد وآله وسلّم الّا وقال الملك : وعليك السّلام ، ثمّ يقول الملك : يا رسول الله (ص) انّ فلانا يقرئك السّلام فيقول رسول الله (ص) : وعليهالسلام ، وفي بعضها : كلّ دعاء محجوب عن السّماء حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد ، وفي بعضها : إذا كان ليلة الجمعة نزل من السّماء ملائكة بعدد الذّرّ في أيديهم أقلام الذهّب على محمّد الفضّة لا يكتبون الى ليلة الّسبت الّا الصّلوة على محمّد وآل محمّد ، وفي بعضها : ثواب الصّلوة عليه وآله الخروج من الذّنوب كهيئة يوم ولدته أمّه ، وفي بعضها : لم يبق عليه من ذنوبه ذرّة ، وفي بعض : من صلّى على محمّد وآل محمّد عشرا صلّى الله عليه وملائكته ألفا ، وفي بعضها : من صلّى على النّبىّ صلوة واحدة صلّى الله عليه الف صلوة في الف صفّ من الملائكة ، ولم يبق شيء ممّا خلق الله الّا صلّى على العبد لصلوة الله وصلوة ملائكته ، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور قد برأ الله منه ورسوله (ص) وأهل بيته (ع) ، وفي بعضها : ما في الميزان شيء أثقل من الصّلوة على محمّد وآل