الرّوم فيقول لهم الرّوم : لا ندخلكم حتّى تتنصّروا فيعلّقون في أعناقهم الصّلبان فيدخلونهم فاذا حضر بحضرتهم أصحاب القائم (ع) طلبوا الامان والصّلح فيقول أصحاب القائم (ع) : لا نفعل حتّى تدفعوا إلينا من قبلكم منّا ، فيدفعونهم إليهم فذلك قوله تعالى : (وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) يسألونهم عن الكنوز وهو اعلم بها فيقولون : يا ويلنا انّا كنّا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتّى جعلناهم حصيدا خامدين (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) غير ناظرين الى غاية عقلانيّة وحكم ودقائق متقنة فانّ اللّعب هو الفعل الّذى يكون له غاية لكن غايته لم تكن الّا خياليّة كلعب الأطفال كما انّ اللهو هو الفعل الّذى لم يكن له غاية خياليّة ظاهرة والمقصود انّ السّماء والأرض وما بينهما من كثرة الحكم والدّقائق في خلقها وكثرة المصالح المترتّبة عليها لا يمكن إحصاء غاياتها المتقنة المحكمة فليس خلقتها لعبا بل كانت لتكميل النّفوس وإتمام فعليّاتها حتّى تستحقّ الجزاء من الثّواب والعقاب (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) شرطيّة فرضيّة يعنى لو أردنا اتّخاذ اللهو لاتّخذناه بطريق أحسن من هذا بحيث لا يطّلع عليه غيرنا ولم نتّخذ السّماء والأرض المشهودتين لكلّ أحد لهوا ، وفسّر اللهو بالزّوج ردّا على من جعل بينه وبين الجنّة نسبا وصهرا ، وبالولد ردّا على من اثبت له الولد ، ويؤيّد هذا التّفسير ما يأتى كما يأتى (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) تأكيد للشّرطيّة الاولى والجزاء محذوف ، وقيل : ان نافية (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ) يظنّ انّ الأنسب بتوافق المتعاطفين ان يقول بل قذفنا بالحقّ على الباطل لكن نقول انّ المراد بالحقّ هو الحقّ المخلوق به الّذى هو المشيّة المسمّاة بالولاية المطلقة ، والسّماء اعمّ من سماء عالم الطّبع ، وسماء عالم الأرواح ، ونفس عالم الأرواح في العالم الكبير والصّغير ، وهكذا الأرض وما بينهما اعمّ ممّا في الكبير والصّغير ، وكما انّ المشيّة الّتى هي اضافة الله الاشراقيّة حقّ لا شوب باطل فيها كذلك جميع التّعيّنات والمهيّات باطلة لا شوب حقّ فيها وانّ الله تعالى بمضمون قوله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) ينفق كيف يشاء على سبيل الاستمرار يطرد بإضافته الاشراقيّة بطلان التّعيّنات والمهيّات وبطلان القوى والنّقائص والاستعدادات ويفنيه وكما انّه تعالى يطرد بخلقه سماوات الأرواح وأراضي الأشباح بطلان المهيّات بقذف الحقّ عليها ابتداء كذلك يطرد ذلك عنها استمرارا فانّها من أنفسها في فناء لا بقاء لوجودها آنين ، ومن موجدها في بقاء بسبب تجدّد إضافات الوجود عليها ، وكما يطرد بخلقتها البطلان ابتداء واستمرارا عن المهيّات يطرد بخلقتها البطلان والنّقائص عن القوى والاستعدادات الّتى تكون في عالم الأكوان ، وللاشارة الى انّه تعالى يطرد البطلان عن المهيّات والاستعدادات استمرارا أتى بالمتعاطفين متخالفين ، ولفظ القذف اشعار بانّه تعالى لقوّة قدرته لا مانع يمانعه عن إيصال الحقّ (فَيَدْمَغُهُ) دمغه كمنع ونصر شجّه حتّى بلغت الشّجّة الدّماغ فهلك (فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) مضمحلّ (وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) الله به أو من وصفكم الله باللّعب في فعاله من دون ترتّب غايات محكمة عليها ، وبالصّاحبة والولد (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعنى انّه تعالى خالقهم ومالكهم وغايتهم فكيف يكونون شركاءه أو صاحباته أو ولده وهو حال في موضع التّعليل ومؤيّد كون المراد بنفي اللهو نفى الولد والصّاحبة (وَمَنْ عِنْدَهُ) يعنى الملائكة المقرّبين الّذين لهم مقام العنديّة بالنّسبة اليه تعالى ، وهو عطف على من في السّماوات عطف المفرد أو مبتدء خبره قوله (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) وعلى الاوّل يكون لا يستكبرون حالا عن من في السّماوات ومعطوفه ، أو حالا عن من عنده فقط والمراد بمن عنده هم المقرّبون المجرّدون عن السّماوات والأرض الطّبيعتين ، وتأدية ما في السّماوات والأرض عن الّتى هي لذوي العقول من باب التّغليب ، أو لانّه يستفاد كون غيرهم له بطريق