أو بغيره لعدم الاعتداد به (لاهِيَةً) مشغولة (قُلُوبُهُمْ) بغيره ، أو لاهية من اللهو ، والفرق بينه وبين اللّعب انّ اللّعب هو الفعل الّذى لا يكون له غاية عقلانيّة ويكون له غاية خياليّة ، واللهو ما لا يكون له غاية عقلانيّة ولا خياليّة وان لم يكن خاليا عن الغاية في نفس الأمر غير مستشعر بها (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) عطف على اقترب والنّجوى السّرّ وجمع النّجى بمعنى المسارّين وتعليق الأسرار بها للمبالغة في الإخفاء أو لانّهم أخفوا مناجاتهم كما أخفوا ما تناجوا به ، وانّما أخفوا التّكلّم في رسالته لانّهم كانوا في شكّ من امره والشّاكّ لا يمكنه التّسليم حتّى لا يتكلّم ولا يمكنه الإجهار بالرّدّ والقبول لعدم إقباله على شيء منهما ، أو لانّهم خافوا اطّلاع المؤمنين وافتضاحهم به (الَّذِينَ ظَلَمُوا) بدل من الضّمير أو فاعل والواو علامة الجمع ، أو منصوب على الذّمّ ، أو الاختصاص ، ووجه الإتيان به التّصريح بوصف ذمّ لهم والتّسجيل عليهم بالظّلم (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) فلا يكون رسولا فما يصدر منه ممّا هو خارج عن المجرى الطّبيعىّ ليس الّا سحرا (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ) اى تقبلونه وتقبلون عليه (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) انّه بشر لا يجوز رسالته وانّ ما يأتى به سحر أو أنتم البصراء الحكماء لا ينبغي ان تغترّوا بدعوى يكون برهان بطلانها معها (قالَ) لهم اسرّوا القول أو اجهروا به فانّه لا يخفى على الله لانّ (رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ظرف المقول أو ليعلم أو حال من القول أو من فاعل يعلم (وَهُوَ السَّمِيعُ) لكلّ مسموع لا سميع سواه (الْعَلِيمُ) بكلّ معلوم لا عليم سواه فيسمع أقوالهم سواء اسرّوا بها أو اجهروا ، ويعلم أحوالهم وضمائرهم اخفوها أم لم يخفوها ، (بَلْ قالُوا) عطف على اسرّوا (الى آخرها) فانّه في معنى قالوا ان هذا الّا بشر مثلكم ، وكلامه الّذى أتى به سحر ، واضراب عنه الى قولهم الّذى هو ابعد من القرآن (أَضْغاثُ أَحْلامٍ) اى القرآن صور الخيالات الّتى رآها المخبّط الّذى لا عقل له كالخيالات الّتى يراها النّائم من غير حقيقة لها (بَلِ افْتَراهُ) اختلقه من عند نفسه ونسبه الى الله تعالى وهذا عطف على قالوا أضغاث أحلام بتقدير قالوا واضراب في الحكاية عن القول الابعد الى الأبعد منه ، أو عطف على أضغاث أحلام واضراب في المحكىّ وكان من قولهم فحكى الله ذلك لنا وعلى اىّ تقدير فهو انتقال من الأبعد الى الأبعد من القرآن فانّ خيالات المخبّط لا تكون مطابقة للواقع ولكن لم تكن قرينة لقصد من القائل بخلاف الاختلاق (بَلْ هُوَ شاعِرٌ) اى مموّه يظهر ما لا حقيقة له بصورة الحقّ بتمويهه وهذا ابعد فانّ الشّعر يزيد على الاختلاق بكونه قرينا لتصرّف في إظهاره وهذا أيضا عطف على قالوا بتقدير قالوا أو على المحكىّ (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ) ان كان صادقا (كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) بالآيات الظّاهرة مثل العصا واليد البيضاء والنّاقة واحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) يعنى باقتراحهم للآيات بقرينة ذكره بعد اقتراحهم الآيات (أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) ان أتاهم محمّد (ص) بما اقترحوا (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً) ردّ لانكارهم كون البشر رسولا كما انّ الفقرة الاولى كانت ردّا لاقتراحهم (نُوحِي إِلَيْهِمْ) كما نوحى إليك ، قرئ يوحى بالياء وبالنّون (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قد مضى في سورة النّحل تفصيل وتفسير لهذه الآية (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ) بل كانوا كلّهم معرضا للموت غير خالدين في الدّنيا ، ردّ لقولهم ما لهذا الرّسول يأكل الطّعام ويمشى في الأسواق؟! ولاستغرابهم طروّ المرض والموت على الرّسول المشعر به قولهم هل هذا الّا بشر مثلكم (ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ) اى وعدنا لهم بالنّصر في قولنا انّا لننصر رسلنا وبالمنّ والامامة وايراث