أرى في المنام انّى أذبحك في الموسم عامي هذا فما ذا ترى؟ ـ قال : يا أبت افعل ما تؤمر ، فلمّا فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم (ع) الى منى وذلك يوم النّحر فلمّا انتهى الى الجمرة الوسطى وأضجعه لجنبه الأيسر وأخذ الشّفرة ليذبحه نودي ان يا إبراهيم (الآية) وقد ذكر كيفيّة ذبحه وإتيان الفداء له في المفصّلات ، وهكذا ذكر الاخبار المختلفة في ذلك الباب في المفصّلات من أراد فليرجع إليها (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) قد سبق بيانه قبيل هذا (كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) لمّا سبق هذه الكلمة في هذه القصّة وكان السّامع كأنّه تلقّاها بالقبول ولم يبق له حالة شكّ وسؤال أتاها هاهنا بدون التّأكيد (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) وفي هذا وفي قوله تعالى ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا (الى قوله) فمنهم ظالم لنفسه (الآية) اشعار بانّ أعقاب الأنبياء (ع) قد يكونون على الظّلم وانّ ظلمهم ليس شينا لآبائهم وقد ذكر بيان لظلم النّفس هناك (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ) بانجائهما وإنجاء قومهما من شدّة الاستعباد ونصرهما وإعطاء الكتاب والنّبوّة وبقاء لسان الصّدق في الآخرين وغير ذلك وعلى هذا فقوله تعالى (وَنَجَّيْناهُما) الى آخر المعطوفات عطف فيه معنى التّفسير لقوله منّنا (وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) الّذى هؤلاء الاستعباد وقتل الأولاد والتّفريق بين الرّجال والنّساء وتجسّس حياء النّساء للعيب أو الولد وخوف قتل فرعون لهم بعد خروجهم من مصر واخذه لهم واستعباده ثانيا وخوف الغرق بعد دخول البحر (وَنَصَرْناهُمْ) بانجائهم من عدوّهم وإغراق عدوّهم (فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ) البالغ في ظهور الصّدق وكون صاحبه صادقا والمراد به النّبوّة والرّسالة وأحكامهما والتّوراة صورتهما (وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) وهو الصّراط الانسانىّ الّذى فطريّه فطريّ الولاية وتكليفيّة تكليفىّ الولاية وبالجملة هو اشارة الى الولاية كما انّ الكتاب اشارة الى النّبوّة والرّسالة (وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) قيل : هو إدريس النّبىّ (ع) ، وقيل : كان نبيّا من أنبياء (ع) بنى إسرائيل من ولد هارون بن عمران ابن عمّ اليسع ، بعث بعد حزقيل ، ولمّا فتح يوشع الشّام بوّأها بنى إسرائيل وقسّمها بينهم فاحلّ سبطا منهم ببعلبك وهم سبط الياس (ع) ، وقيل : انّ الياس (ع) صاحب البراري ، والخضر صاحب الجزائر ويجتمعان في كلّ يوم عرفة بعرفات ، وقيل : انّه ذو الكفل (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) مناصحا لهم بصورة الشّفقة (أَلا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلاً) اسم صنم كان لهم وكان من الذّهب ، وقيل : البعل اسم الرّبّ بلغة اليمن والمقصود أتدعون ربّا غير الله (وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) قد سبق بيان لكونه تعالى أحسن الخالقين (اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) للحساب أو في النّار (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قد روى من طريق الخاصّة اخبار كثيرة بانّ القراءة آل يس بفتح الالف ومدّه وكسر اللّام وانّ المراد بهم آل محمّد (ص) وانّ يس من أسمائه وقد ذكر محاجّتهم على علماء العامّة بهذه القراءة بحيث لم يكونوا ينكرونها وكانوا معترفين بصحّة القراءة بذلك ، ويكون يس اسما من أسماء محمّد (ص) وقد روى من طريقهم القراءة بذلك وانّه في بعض مصاحفهم مكتوب بفصل الآل من يس وكأنّ المنظور كان من الإتيان بآل محمّد (ص) بهذا اللّفظ في ذيل الياس (ع) ان لا يسقطوه ، لو قال سلام على آل محمّد (ص) ، ولمّا كان محمّد (ص) وأهل بيته (ع) شرف كلّ ذي شرف وفخر كلّ ذي فخر ومقام كلّ ذي مقام كان السّلام على آل