محمّد (ص) سلاما على كلّ ذي سلام وشرفا لكلّ ذي شرف ولسان صدق لكلّ صادق ، فصحّ ان يقال تركنا على الياس في الآخرين لسان صدق هو سلام على آل محمّد (ص) وقرئ الياسين بوصل اللّام في الكتابة فقيل انّه اسم لإلياس مثل سينا وسينين ، وقيل : انّه جمع له لكنّه بعيد لانّ الاعلام إذا جمعت أتى بها معرفة باللّام (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) قد سبق قصّته في سورة هود وحجر وغيرهما (إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ وَإِنَّكُمْ) يا أهل مكّة (لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ) يعنى على آثارهم فانّ منازلهم كانت سدوم في طريق الشّام (مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) قد أشرنا في سورة يونس (ع) انّ قصّته وقصّة قومه ودعاءه الى قومه وفراره عنهم بعد دفع العذاب عن قومه ودخوله الفلك وابتلاءه ببطن الحوت مذكورة في المفصّلات ، من أراد فليرجع إليها ، عن الباقر (ع) انّه قال : لمّا ركب مع القوم فوقفت السّفينة في اللّجة واستهموا فوقع السّهم على يونس ثلاث مرّات ، قال فمضى يونس (ع) الى صدر السّفينة فاذا الحوت فاتح فاه فرمى بنفسه ، وعن الصّادق (ع) ما تقارع قوم ففوّضوا أمرهم الى الله عزوجل الّا خرج سهم المحقّ وقال : اىّ قضيّة اعدل من القرعة إذا فوّضوا الأمر الى الله أليس الله عزوجل يقوم فساهم فكان من المدحضين يعنى المغلوبين في القرعة ، دحض برجله ، فحص ، وعن الأمر بحث ودحض رجله زلقت ، الشّمس زالت ، والحجّة بطلت (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) من الام بمعنى عدل ، أو من الام بمعنى أتى ما يلام عليه أو صار ذا لائمة (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) تعريض بالامّة يعنى إذا ابتليتم ببليّة فأكثروا من تسبيحه وتهليله وذكره حتّى ينجيكم منها (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ) اى المكان الخالي عمّا يغطّيه من شجر أو نبت أو بناء أو جبل (وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) وهو كلّ شجرة تبقى من الشّتاء الى الصّيف ليس لها ساق كذا قيل : وقيل : المراد الدّبّاء (١) (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) بل يزيدون ، عن الصّادق (ع) يزيدون ثلاثين ألفا (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) سمّى لآجالهم (فَاسْتَفْتِهِمْ) بعد ما ذكرت لهم هذه القصص الّتى فيها عبر لكلّ من يعتبر (أَلِرَبِّكَ) الّذى فعل ما فعل بالأمم السّالفة ومكذّبيهم ومصدّقيهم وأنبيائهم (ع) (الْبَناتُ) اللّاتى هنّ اخسّ الأولاد (وَلَهُمُ الْبَنُونَ) الّذين هم أشرف الأولاد حتّى يعلموا انّهم مخطئون في تلك النّسبة فيتنبّهوا فيعلموا انّهم مخطئون في نسبة الولد اليه (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ) الّذين هم أشرف الخلائق وبريئون من نقائص الذّكورة والانوثة (إِناثاً) مبتليات بأنواع النّقائص (وَهُمْ شاهِدُونَ) حتّى يتنبّهوا انّ قولهم هذا ليس الّا عن محض خرص وتخمين ، ويتفكّروا انّ العاقل لا ينبغي ان يتفوّه في مثل هذا المطلب العظيم بالظّنّ والتّخمين (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ) قولا عظيما لا ينبغي ان يقال ، يقولون : (وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) من غير احتمال صدق في قولهم (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) قبح ما تقولون وتنسبون الى الله فانّ نسبة الولد الى الله تخرجه عن الوجوب الى الإمكان ، وعن الغنى الى الحاجة ، وعن التّنزّه الى التّدنّس ، وعن التّجرّد الى كونه مادّيّا ، وغير ذلك من النّقائص ، وبعد نسبة الولد اليه لا تتذكّرون قبح ما تقولون من انّ أولاده بنات لا بنون (أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ) حجّة
__________________
(١) الدباء بالضم والمدّ القرع ؛ الواحدة دباء ويقال له بالفارسية : كدو.