له ، فقال إبراهيم : الهى وسيّدى ارى أنوارا قد احدقوا بهم لا يحصى عددهم الّا أنت ، قيل : يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين (ع) فعند ذلك قال إبراهيم : اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين (ع) قال ، فقال تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ).
اعلم ، انّ جميع الأنبياء والمرسلين (ع) وجميع الأوصياء والصّالحين من جملة شيعة أمير المؤمنين (ع) فانّه بعلويّته ومقام ولايته الكلّيّة امام الكلّ حتّى رسولنا الختمىّ (ص) من حيث رسالته لا من حيث ولايته فانّه (ص) متّحد مع علىّ (ع) من حيث ولايته كما مضى مكرّرا انّ الولاية الكلّيّة روح للنّبوّة والرّسالة كلّيّة كانت أو جزئيّة وروح للولايات الجزئيّة تماما ، وعلى هذا يجوز ان يكون الشّيعة من شاع بمعنى اتّبع ، ويجوز ان يكون من الشّعاع ويكون أصله شعّه بتشديد العين ثمّ خفّف بابدال العين الاوّل ياء كما في أحسست وأحسيت (إِذْ جاءَ) ظرف للخبر (رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) قد مضى في سورة الشّعراء بيان للقلب السّليم (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) بدل من إذا لاولى أو ظرف لجاء أو لسليم (وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) حتّى صرفتم عنه الى المصنوع الّذى صنعتموه بأنفسكم (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) فرأى نظراتها (فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) ورد في الخبر انّ إبراهيم (ع) كذب ثلاث كذبات : قوله ، انّى سقيم وقوله ، بل فعله كبيرهم هذا وقوله ، في سارة انّها أختي والمقصود انّه كذب في الظّاهر ولم يكن منه كذب لانّه أراد الإصلاح والمصلح ليس بكاذب ، أو انّه ورّى عن ذلك كلّه فانّه نظر في النّجوم ونظر الى حركاتها وافنائها بحركاتها لكلّ حادث فقال : انّى سأسقم يعنى سأموت ونظر في النّجوم فرأى انّ نوبة حمّاه قريبة فقال : انّى سقيم يعنى انّ نوبة حمّاى قريبة ، أو نظر في النّجوم إيهاما لهم انّه يحاسب مثلهم ويحكم بنظرات النّجوم فقال : انّى سقيم إيهاما لهم وكان مقصوده انّى سقيم غير كامل بعد في الانسانيّة فانّه لم يكن بعد له مقام الامامة الّتى هي كانت آخر مقاماته ، أو كان مقصوده انّى سقيم القلب حزينه ممّا تفعلونه من عبادة ما لا ينفعكم ولا يضرّكم ، وعن الصّادق (ع) انّه حسب فرأى ما يحل بالحسين (ع) فقال : انّى سقيم لما يحلّ بالحسين (ع) وعن الصّادقين (ع) والله ما كان سقيما وما كذب ، وقيل : كان أغلب اسقامهم الطّاعون وكانوا يخافون السّراية فقال : انّى سقيم لئلّا يخرجوه الى عيد لهم وكان موسم عيدهم حتّى يبقى مع الآلهة فيفعل بهم ما أراد من كسرهم (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) الى عيد لهم (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) راغ الرّجل مال (فَقالَ) لهم تهكّما بهم (أَلا تَأْكُلُونَ) الطّعام الّذى عندكم (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) ولا تجيبوني (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً) مفعول له لراغ ، أو مفعول مطلق لفعله المحذوف ، أو حال عن فاعل راغ (بِالْيَمِينِ) فكسرهم كلّهم الّا كبيرا لهم كما سبق في سورة الأنبياء (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ) اى الى إبراهيم (ع) (يَزِفُّونَ) قرئ مبنيّا للفاعل من زفّ إذا أسرع ، ومبنيّا للمفعول من زفّ العروس الى زوجها إذا أهداها اليه (قالَ) لهم بعد ما وصلوا اليه (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) وتتركون الله الّذى ينبغي ان يعبد (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) ما تصنعون من الأصنام وغيرها فانّ موادّها بخلقته وصنعها باقداره (قالُوا) بعد ما حاجّهم وحاجّوه كما سبق في سورة الأنبياء (ع) (ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) اى النّار الشّديدة (فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً) بإحراقه بالنّار (فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) بابطال كيدهم وجعله حجّة عليهم (وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) عن الصّادق (ع) يعنى بيت المقدّس وعن أمير المؤمنين (ع) في بيانه فذهابه الى ربّه توجّهه اليه عبادة واجتهادا وقربة الى الله