قسيم النّار؟ ـ ثمّ قال : والّذى بعث محمّدا (ص) بالحقّ انّ نور ابى طالب (ع) يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق الّا خمسة أنوار ، نور محمّد (ص) ونوري ونور فاطمة (ع) ونور الحسن ونور الحسين (ع) ومن ولّده من الائمّة (ع) لانّ نوره من نورنا الّذى خلقه الله عزوجل من قبل خلق آدم (ع) بألفى عام (وَقالُوا) عطف على قوله : (قالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) يعنى قال قريش أو عشيرتك أو ابو طالب (ع) على قول العامّة (إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ) اى رسالتك (نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) روى عن أمير المؤمنين (ع) انّها نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله (ص) الى الإسلام والى الهجرة ، وعن النّبىّ (ص) انّه قال : والّذى نفسي بيده لادعونّ الى هذا الأمر الأبيض والأسود ومن على رؤوس الجبال ومن في لجج البحار ، ولادعونّ اليه فارس والرّوم فجبرت قريش واستكبرت وقالت لأبي طالب : اما تسمع الى ابن أخيك ما يقول والله لو سمعت بهذا فارس والرّوم لا اختطفتنا من أرضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ) اى الم نرزقهم في حال كفرهم من كلّ ما يرزق مع انّ مكانهم واد غير ذي زرع ولم نجعل لهم (حَرَماً آمِناً) ذا امن أو آمنا ساكنوه مكانا ومحلّا لسكناهم فكيف يكون حالهم إذا كانوا موحّدين مستحقّين لكرامتنا (يُجْبى) اى يجمع (إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) لم يقل كلّ نبات لقصد تعميم الثّمرات لكلّ خير ومال فانّه لا اختصاص لجمع الأشياء اليه بالفواكه بل يجبى اليه كلّ ما يحصل من النّباتات والأشجار والانعام والصّنائع وأنفس الانعام بل يجبى اليه ثمرات القلوب وخيرات الآخرة ولذلك قال تعالى (رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) يعنى انّ الثّمرات الدّنيويّة وان كانت رزقا من الأرض لكن ثمرات الآخرة والقلوب من أرزاقنا اللّدنيّة ، وكذلك بركات ثمرات الأرض وما كان منها رزقا للأرواح (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) انّ ذلك لهم من فضلنا وحكمتنا وقدرتنا وينسبون ذلك الى أنفسهم أو أكثرهم لا علم لهم (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) عطف على قوله أو لم نمكّن وجمع بين الوعد والوعيد والتّرغيب والتّرهيب (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) بطر أهلها لسعة معيشتها (فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً) من سوء أفعالهم فاتّقوا يا أهل مكّة مثل أفعالهم (وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ) لمساكنهم وأموالهم وأجسادهم وأرواحهم (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى) اى ما كان في سجّيّته ان يهلك القرى من دون تنبيه لهم وتذكير فلا يهلكها (حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها) قريتها العظيمة الّتى كان رجوع الكلّ إليها (رَسُولاً) وهذا على الأغلب والّا فقد بعث الله بعض الرّسل (ع) من الرّساتيق وكانوا لا يخرجون منها ويكون رجوع القرى العظيمة إليها ، أو على الاشارة الى التّأويل فانّ الرّسل (ع) أينما كانوا وأينما بعثوا كانوا أصل القرى الانسانيّة ومرجعها ومعظمها وكان الرّسول الّذى هو اللّطيفة الانسانيّة الّتى اتّصفت بصفات الرّوحانيّين يبعث اوّلا في تلك القرية العظيمة الّتى هي مملكة وجود الرّسول (ع) ثمّ يبعث منها الى سائر القرى الانسانيّة (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) التّدوينيّة والآفاقيّة وأحكامنا الّتى هي لوازم الرّسالة (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) بتكذيب الرّسل (ع) وسائر أنواع الظّلم والكفر وأصل الكلّ انكار الرّسل (ع) (وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها) هذا جمع بين التّزهيد والتّشويق كما انّ الاوّل كان جمعا بين الإنذار والتّبشير (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ) ممّا أوتيتم يعنى ان كان ما أوتيتم خيرا باعتقادكم فما عند الله خير منه ، أو لفظ الخير مجرّد عن معنى التّفضيل والّا فلا نسبة بين ما عند الله وما عندكم (وَأَبْقى) ممّا عندكم على اعتقادكم (أَفَلا تَعْقِلُونَ) ذلك أولا يكون لكم عقل فتتركون ما عند الله وتأخذون ما عندكم (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً) تأكيد للتّزهيد والتّشويق (فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) الّذى لا بقاء له ويكون لذّته مشوبا بالألم وراحته بالتّعب وغناه