الّا هلك وإذا هلك المادّىّ الغير المطهّر من ادناسها لم يكن له بشرى بل كان له العذاب ، ووضع المجرمين موضع المضمر ليكون كالعلّة للحكم (وَيَقُولُونَ) اى الملائكة (حِجْراً مَحْجُوراً) حراما محرّما يعنى البشرى أو الجنّة أو رؤية الرّبّ أو التّعوّذ فانّه لا معاذ لكم أو يقول المجرمون ذلك (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) اىّ عمل كان ممّا يحسبونه ذخرا لآخرتهم من الصّدق والامانة والوفاء والدّيانة والانفاقات والصّلات والأعمال الّتى كانت على صورة ملّة الهيّة وعبّر بالماضي لإيهام انّه واقع أو اخبار عن وقوعه ، أو اخبار بانّ المخاطب حاله ومقامه حال من قامت قيامته ويرى ما سيقع بالنّسبة الى النّاقصين واقعا (فَجَعَلْناهُ هَباءً) الهباء عبارة عن الغبار الّذى يرى في شعاع الشّمس (مَنْثُوراً) صفة هباء أو خبر بعد خبر (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ) يوم القيامة أو يوم يرون الملائكة (خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) اى أفضل منزلا (وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) مستراحا من هؤلاء في الدّنيا أو ليس التّفضيل مرادا (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ) عطف على يومئذ أو على يوم يرون الملائكة أو متعلّق بالحقّ ، أو بقوله للرّحمن والجملة معطوفة على سابقتها (بِالْغَمامِ) حالكون السّماء متلبّسا بالغمام أو تشقّق بتراكم الغمام وقوّته كأنّ الغمام صار آلة التّشقّق أو تشقّق بخروج الغمام الّذى قال الله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) فانّ في وقت الاحتضار يتشقّق سماء الأرواح ويظهر الغمام الحاصل في الرّوح من كدورات النّفس بالشّهوات والغضبات وينزّل الملائكة رحمة أو نقمة (الْمُلْكُ) هو بتثليث الميم مصدر ملكه واسم للملوك وهو مبتدء وقوله (يَوْمَئِذٍ) خبره سواء كان بمعناه المصدرىّ أو بمعنى المملوك لكن إذا كان بمعنى المملوك كان التّقدير عظمة الملك لئلّا يلزم الاخبار بظرف الزّمان عن الذّات وحينئذ يكون قوله (الْحَقُ) خبرا بعد خبر و (لِلرَّحْمنِ) كذلك أو متعلّق بالحقّ أو حال عن المستتر فيه أو يومئذ متعلّق بالملك أو بالحقّ أو بقوله للرّحمن والحقّ خبره ، وللرّحمن مثل السّابق أو الحقّ صفته وللرّحمن خبره والمراد بقوله يومئذ يوم الاحتضار والموت أو يوم القيامة (وَكانَ) ذلك اليوم (يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ) عطف على المستتر في كان أو على يومئذ أو على يوم تشقّق السّماء ، أو متعلّق بيقول الآتي والجملة معطوفة على سابقتها وعضّ الظّالم (عَلى يَدَيْهِ) كناية عن غاية ندمه وتحسّره فانّ الغضوب أو المتحسّر إذا بلغ الغاية في الغضب أو التّحسّر يعضّ على أنامله ويده (يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) طريقا الى النّجاة أو طريقا واحدا ولم يتفرّق بى الطّرق أو طريقا عظيما هو طريق الولاية وهذا هو المناسب لقوله (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) ان كان المنظور التّعريض بالامّة فالمراد بقوله فلانا منافقو الامّة وان كان المنظور مطلق الظّالم فالمراد بقوله فلانا مطلق الرّؤساء في الضّلالة (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) عن الشّريعة أو الولاية أو القرآن أو النّبىّ أو الولىّ أو علىّ (ع) أو العقل أو الفطرة (بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) الذّكر بلسان الرّسول (ص) أو مطلقا (وَكانَ الشَّيْطانُ) ابتداء كلام من الله أو من قول الظّالم (لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) لانّه يدعو الإنسان الى امر ثمّ يتركه ولا ينصره وقت حاجته في الدّنيا أو في الآخرة (وَقالَ الرَّسُولُ) عطف على يقول يا ليتني أو على يعضّ الظّالم أو على تشقّق السّماء وعلى التّقادير فالمعنى على الاستقبال اى يقول الرّسول (ص) في ذلك أو عطف على قال الّذين لا يرجون وحينئذ يكون على مضيّه يعنى قال الّذين لا يرجون استهزاء بالرّسول (ص) :