سحر كمنع خدع وتباعد وكسمع تكبّر ، والمسحور المفسد من المكان لكثرة المطر أو قلّة الكلأ (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) يعنى في حقّك أو مخاطبا لك فانّهم شبّهوا رسالته من الله بالرّسالة من ملك الرّوم تارة ومن ملك الفرس اخرى ، وانّ رسول الرّوم أو الفرس له خدم وحشم وخيام واموال وربّنا تعالى شأنه خالقهما فليكن رسوله أشرف من رسولهما (فَضَلُّوا) حيث انحرفوا عن طريق الآخرة وتوجّهوا الى الدّنيا وشبّهوا رسول الله (ص) في الأمور الاخرويّة برسول الملوك في أمور الدّنيا (فَلا يَسْتَطِيعُونَ) الى الآخرة أو الى الحقّ الواقع أو المعنى فضّلوا عن طريق المحاجّة فلا يستطيعون (سَبِيلاً) بالغلبة في المحاجّة ، وقصّة عبد الله بن ابى أميّة المخزومىّ ومحاجّته مع الرّسول (ص) وتمثيله له ملك الرّوم والفرس مذكور في المفصّلات (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ) لكنّه لم يشأ ذلك لمنافاته للرّسالة من الله وترغيب النّاس عن الدّنيا (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) قد مضى في آخر آل عمران في ذيل قوله تعالى (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) بيان كيفيّة جريان الأنهار من تحت الجنّات (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) والجملة على قراءة رفع يجعل معطوفة على قوله (تَبارَكَ الَّذِي) يعنى يجعل لك في الآخرة قصورا ، وعلى قراءة الجزم معطوفة على الجزاء ، ويصحّ عطفه على الجزاء على قراءة الرّفع أيضا (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) اضراب من الأدنى الى الأعلى يعنى كذّبوك في رسالتك بل كذّبوا بالقيامة والآخرة الّتى هي متّفق عليها من الكلّ (وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً) التّغيّظ شدّة الحرّ أو هو من الغيظ بمعنى الغضب أو اشدّه أو سورته وتغيّظ السّعير لكون عالم الآخرة بشراشره حيّا عالما شاعرا محبّا لله مبغضا لله (وَزَفِيراً) زفير النّار صوت توقّدها (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) الثّبور الهلاك أو الويل (لا تَدْعُوا) جواب سؤال مقدّر بتقدير القول كأنّه قيل : ما يقال لهم؟ ـ فقال : يقال لهم : لا تدعوا (الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً قُلْ) لهم (أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً) جواب لسؤال مقدّر ورفع لتوهّم الامتنان بهذا الإحسان (وَمَصِيراً لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ) ولمّا كان تمام الإحسان الى الأضياف حضور ما يشاؤه كلّ أحد وعدم زوال النّعمة أتى بهما (كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) عطف على هنالك سواء كان للزّمان أو المكان ، أو عطف على قل بتقدير اذكر ، أو ظرف ليقول والفاء زائدة أو بتقدير امّا أو توهّمها (وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) من افراد البشر ومن سائر المواليد ومن الكواكب والأصنام أو ما يعبدون عبادة طاعة من دون ولىّ أمرهم (فَيَقُولُ) خطابا للمعبودين (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ) بأنفسهم (ضَلُّوا السَّبِيلَ قالُوا) التّعبير بالماضي لتحقّق وقوعه أو لوقوعه بالنّسبة الى محمّد (ص) فانّه كان يشاهد كلّ ما لم يشاهده غيره من امر الآخرة (سُبْحانَكَ) عن كون أمثالنا أندادا لك وشركاء في المعبوديّة (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا) يعنى للعابدين ولنا أو المراد المعبودون فقط (أَنْ نَتَّخِذَ) قرئ بالنّون مبنيّا للفاعل ومبنيّا للمفعول (مِنْ دُونِكَ) من دون اذنك أو هو حال من أولياء ولفظ من للتّبعيض (مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ) من المشتهيات الدّنيويّة فاشتغلوا بها عن الآخرة (وَآباءَهُمْ) يعنى لم يكونوا في ضيق في وقت كونهم مستقلّين بأمرهم ولا في وقت كونهم عيالا لغيرهم فلم يكن لهم اضطرار حتّى