عليكم ، ويكون الاستيذان عسرا عليكم وعليهم (بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) بدل من الضّمير واشعار بأنّهم كالاجزاء والأبعاض منكم فلا حاجة لهم ولا لكم الى الاستيذان في غير وقت ظهور العورات ، أو بعضكم فاعل فعل محذوف أو مبتدء خبر محذوف (كَذلِكَ) التّبيين من تبيين الأحكام مع الاشارة الى عللها وحكمها (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) الاخر والأحكام القالبيّة والقلبيّة مع حكمها وعللها (وَاللهُ عَلِيمٌ) يعلم مصالح ما يجعله شريعة لكم (حَكِيمٌ) ينظر الى دقائق الحكم ويشرع ما يترتّب عليه دقائق الحكم (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ) لا من المماليك فانّ حكم أطفالهم وقت البلوغ حكم أنفسهم في الاستيذان في الأوقات الثّلاثة (الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) في جميع الأوقات فانّه المستفاد من اطلاق الاستيذان ومن مقابلته مع غير البالغين الّذين كان حكمهم الاستيذان في الأوقات الثّلاثة (كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) اى الّذين كانوا بالغين ومستأذنين من قبلهم (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التّكرار لمحض التّأكيد والمبالغة في امر الاستيذان (وَالْقَواعِدُ) اللّاتى قعدن من طلب النّكاح ليأسهنّ من رغبة الرّجال إليهنّ وعدم ميل الرّجال إليهنّ لكبرهنّ (مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) لعدم طمعهنّ فيه وعدم طمع الرّجال فيهنّ (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ) الجملة خبر الموصول ودخول الفاء في الخبر امّا لكون اللّام موصولا ، أو لوصف القواعد باللّاتى ، أو لتوهّم امّا أو لتقديره ، ولمّا امر بالاستيذان وقت ظهور العورة وطرح الثّياب استفيد منه لزوم لبس الثّياب وستر العورات خصوصا للنّساء اللّاتى يكون جميع بدنهنّ عورة قال امّا العجائز فليس عليهنّ جناح (أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَ) يعنى بعض ثيابهنّ وهو الجلباب والخمار كما قرئ ان يضعن من ثيابهنّ فانّ إظهار غير الكفّين والقدمين والوجه من البدن على غير المحارم كما كان حراما لغير العجائز كان حراما لهنّ أيضا (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) اى بشيء من الزّينة ومواضعها فانّ إظهار الزّينة ومواضعها سواء كان من العجائز أو غيرهنّ ممّا يريب الرّجال ، نعم ورد استثناء الشّعور منهنّ فانّه ان لم يكن الرّجال ينزجرون من رؤيتها لم يكونوا يرغبون فيها (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) بالسّتر وترك وضع الثّياب (خَيْرٌ لَهُنَ) من الوضع (وَاللهُ سَمِيعٌ) فلا يقلن للرّجال ما يريبهم (عَلِيمٌ) بنيّاتهنّ فلا يضعن ثيابهنّ لقصد ارتياب الرّجال (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) استيناف منقطع عن سابقه لفظا ومعنى ولذلك لم يأت بأداة الوصل وبيان لادب آخر من آداب المعاشرة وذلك كما روى ونقل انّ المرضى كانوا يكرهون معاشرة الاصحّاء ومؤاكلتهم لتأنّف الاصحّاء عن معاشرتهم ولاحتمال انزجارهم من مؤاكلتهم ومعاشرتهم وكان الاصحّاء يكرهون مؤاكلتهم لعدم قدرتهم على الاكل مثلهم ، وكان الغازون إذا خرجوا الى الغزاء خلّفوا الزّمنى على بيوتهم وكره الزّمنى الاكل منها وكان إذا خرج سريّة كانوا يدفعون مفاتيح بيوتهم الى الغازين ليأخذوا ويأكلوا ما يحتاجون اليه فيكرهون الاكل منها دون الاجتماع مع صاحبيها ، وكانوا إذا أرادوا ان يطعموا المرضى ولم يكن في بيوتهم ما يطعمهم به ذهبوا بهم الى بيوت قراباتهم فكره المرضى الاكل منها وكان المرضى يتحرّجون بعدم الاستطاعة للجهاد وعدم القدرة على الطّاعة وعدم زيارة الرّسول (ص) والمؤمنين مثل الاصحّاء فرفع تعالى الحرج من ذلك كلّه بقوله ليس على الأعمى حرج (وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) وحذف المتعلّق ليذهب ذهن السّامع كلّ مذهب ممكن ، وقد مضى في اوّل الكتاب انّ الوجوه المحتملة كلّها مقصودة من ألفاظ القرآن فكأنّه قال : ليس على هؤلاء حرج في المؤاكلة مع الاصحّاء والمعاشرة معهم ، ولا في الاكل من بيوت من خلّفوهم عليها ولا في الاكل والأخذ من البيوت الّتى أعطاهم صاحبوها مفاتيحها ، ولا في الاكل من بيوت أقرباء الدّاعين ولا في التّخلّف