عن الجهاد ولا في عدم الطّاعة والزّيارة مثل الاصحّاء ، وكرّر لفظ حرج للاشارة الى عدم الفرق بين الثّلاثة في ظنّ التّحرّج وعدمه (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ) حرج (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) متعلّق بالمجموع أو مختصّ بالأخير والمعنى ليس على أنفسكم حرج في ان تأكلوا منفردين أو مع المعلولين من بيوت أنفسكم ولمّا كان الولد وبيته للوالد جعل بيته داخلا في بيوتكم ولم يذكره منفردا كما ورد في حقّ ولد : أنت ومالك لأبيك ، وورد : انّ أطيب ما يأكل المرء من كسبه ، وانّ ولده من كسبه (أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) بكونكم وكلاء للمالك في ضيعته أو مخزنة أو داره ، أو اعطى المالك المفتاح عارية ، أو المراد بيت المملوك فانّ المفاتح جمع المفتح بمعنى المخزن والسّيّد مالك للمولى ومملكوه (أَوْ صَدِيقِكُمْ) فانّ الصّداقة تقتضي السّرور بأكل الصّديق من بيته ولا اقلّ من الاذن ولكن كلّ ذلك ما لم يعلم عدم الاذن من صاحبيها ، وما لم يؤدّ الى السّرف والإفساد (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً) مجتمعين مع صاحبي البيوت أو مع المعلولين أو مع إنسان آخر أو مع ضيف (أَوْ أَشْتاتاً) متفرّقين منفردين فانّهم كما قيل كرهوا الأكل من البيوت المذكورة بدون صاحبيها وبعض البطون كان الرّجل منهم لا يأكل وحده ويتحرّج بالأكل وحده وكانوا لا يأكلون في بيوت الفقراء فانّ الغنىّ كان يدخل بيت الفقير من ذوي قرابته أو صداقته فيدعوه الى طعامه فيتحرّج عن الأكل وكانوا إذا نزل بهم ضيف يتحرّجون الأكل الّا معه (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً) أدب آخر وأتى بالفاء لانّه متعقّب للاذن في دخول البيوت (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) يعنى ليسلّم بعضكم على بعض فانّ المعاشرين كلّا منهم بمنزلة نفس الآخر ، أو سلّموا على أهل البيوت حتّى يردّوا السّلام عليكم فيكون سلامكم على أهل البيوت سلاما على أنفسكم ، أو سلّموا على أنفسكم إذا لم تجدوا فيها أحدا بان تقولوا ، السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين أو بان تقولوا ، السّلام علينا من عند ربّنا (تَحِيَّةً) مفعول مطلق من غير لفظ الفعل (مِنْ عِنْدِ اللهِ) مشروعة من عند الله أو نازلة من عند الله فانّ لسان المسلّم حين يسلّم بأمر الله يكون مسخّرا لأمر الله ، والجاري على اللّسان المسخّر لله جار من الله (مُبارَكَةً) لانّها دعوة مؤمن لمؤمن بأمر الله ودعوة المؤمن للمؤمن بركة عليهما ، وإذا كانت بأمر الله وكان الدّاعى ناظرا الى امره ضوعفت بركتها (طَيِّبَةً) لما فيها من صيرورة نفسي المسلّم والمسلّم عليه طيّبتين (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) واحكام المعاشرة أو الآيات التّدوينيّة في بيان احكام المعاشرة (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) حكمها ومصالحها أو لعلّكم تصيرون عقلاء أو لعلّكم تعقلون الآداب اللّازمة في المعاشرة وتفهمونها فتعملوا بها (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) منقطع عن سابقه لفظا ومعنى أو هو جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : إذا لم يمتثل المؤمنون تلك الأوامر هل كانوا مؤمنين؟ ـ فقال : انّما المؤمنون (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) فلا يتخلّفون عمّا أمروا به (وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) للمؤمنين كالجمعة والعيد والقتال والمشاورة (لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) للذّهاب (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) يعنى انّ الأمر مفوّض إليكم (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ) اى للمستأذنين فانّ الالتفات الى غيرك وغير الله إذا كانوا عندك معصية عظيمة لهم (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) يغفر ما يلحقهم من التّوجّه والنّظر الى غيرك حين لا ينبغي ان ينظروا الّا إليك (رَحِيمٌ) يرحمهم بواسطة التّوجّه إليك والاستيذان