خاصّ منه أو جنس الماء فانّه جزء مادّته وبه بقاؤه وحياته (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) كالحيّات والحيتان والديدان (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) كالاناسىّ والطّيور وبعض حشرات الأرض (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) كذوات الأربع من الانعام والسّباع وغيرها ، ولم يقل : ومنهم من يمشى على أكثر ، لانّ أكثر ما يمشى على أكثر كان اعتماده على اربع ، وما كان اعتماده في المشي على أكثر يكون نادرا ، نسب الى ابى جعفر (ع) انّه قال : ومنهم من يمشى على أكثر (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) وهذا بمنزلة منهم من يمشى على أكثر وجواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : هل كان في الحيوان ما يمشى على أكثر؟ ـ فقال : يخلق الله ما يشاء (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على خلق ما يمشى على أكثر من الأربع فهو في مقام التّعليل لقوله تعالى : يخلق الله ما يشاء والإتيان بمن الّتى هي لذوي العقول في غير ذوي العقول لتغليب ذوي العقول والاقتران به (لَقَدْ أَنْزَلْنا) من مقام المشيّة ومقام الأقلام والألواح (آياتٍ) تدوينيّة في صورة الآيات القرآنيّة الّتى تلوناها عليكم وآيات تكوينيّة في صور طبيعيّة من مثل تسبيح من في السّماوات وازجاء السّحاب وإنزال الأمطار وتقليب الايّام وخلق الدّوابّ كلّها من الماء وجعلها مختلفات في المشي وغيره (مُبَيِّناتٍ) واضحات أو موضحات (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) بسبب تلك الآيات فلا غرو في عدم اهتداء بعض مع وضوح الآيات الهاديات فانّ الهداية بيد الله لا غير ، والصّراط المستقيم هو الولاية وطريق القلب (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ) عطف على الله يهدى سواء جعل معطوفا على قدر أنزلنا أو حالا أو يقولون حال بتقدير المبتدأ (وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) يعنى انّ ايمانهم محض قول لمنافاة فعلهم له ولذلك قال (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) وهذا وجه آخر للدّلالة على عدم ايمانهم (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) وجه آخر للدّلالة على عدم ايمانهم وانّهم انّما توجّهوا اليه لجلب النّفع في دنياهم (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) فينصرفوا عنه مع يقينهم به بسبب ذلك المرض (أَمِ ارْتابُوا) في نبوّته (أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لا الله ورسوله (ص) حتّى يتوهّموا انّه يحيف عليهم (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) جواب لسؤال مقدّر عن حال المؤمنين الّذين لم يكن ايمانهم محض القول (إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا) هذا الدّعاء ، أو سمعنا حكمه سواء كان لنا أو علينا (وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ) قرئ يتّقه بكسر القاف والهاء بدون الإشباع على الأصل ، وقرئ يتّقه بسكون القاف وكسر الهاء بلا إشباع تشبيها له بالكتف في التّخفيف ، وقرئ بكسر القاف وكسر الهاء مع الإشباع ، وقرئ بكسر القاف وسكون الهاء تشبيها للضّمير بهاء السّكت (فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ وَأَقْسَمُوا) اى القائلون آمنّا بالله أو الّذين تولّوا (بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) مفعول مطلق نوعىّ لاقسموا اى أقسموا مبالغة ايمانهم كما هو عادة الكذّاب يكثر الايمان ويؤكّدها ويغلّظها ، أو جهد ايمانهم مفعول مطلق لمحذوف هو حال اى يجهدون جهد ايمانهم (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ) بالخروج في الغزوات (لَيَخْرُجُنَّ قُلْ) لهم (لا تُقْسِمُوا) اى لا حاجة الى القسم لانّ طاعتك (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) يرتضيها العقل والعرف ونفعها عائد إليهم لا إليك حتّى يحتاجوا الى الإظهار والقسم عليها (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ قُلْ) لهم (أَطِيعُوا اللهَ) بالفعل لا بالقول فقط (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا)