لجوز الأعمال ولوزها وفستقها ، وبها يصير العباد اولى الألباب ، والأعمال ذوات الألباب ، وبدونها يكون وجود العباد وأعمالهم كالجوز الخالي من اللّبّ وهذه هي الّتى لا تدع العباد ان يخرجوا عن طاعة مشايخهم ، وهي الّتى إذا قويت وصفّت النّفوس ظهرت بصورة مشايخهم في قلوبهم وقوله تعالى : (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) اشارة الى هذا الظّهور فانّه في القيامة تصفو النّفوس من حجب المادّة وتظهر ولايتهم بصورة امامهم ، وبظهور هذا النّور يكون جميع الخيرات ويدفع جميع الشّرور ، وتلك الولاية كسفينة نوح يكون المتوسّل بها آمنا من أمواج الفتن وظلمات الزّمن ، والى هذه الولاية أشار من قال :
بهر اين فرمود پيغمبر كه من |
|
همچو كشتى ام بطوفان ز من |
ما واصحابيم چون كشتىّ نوح |
|
هر كه دست اندر زند يابد فتوح |
والى ذلك الظّهور أشار بقوله :
چون خدا مر جسم را تبديل كرد |
|
رفتنش بى فرسخ وبى ميل كرد |
چونكه با شيخي تو دور از زشتئى |
|
روز وشب سيّارى ودر كشتئى |
هين مپر الّا كه با پرهاى شيخ |
|
تا ببينى عون لشكرهاى شيخ |
(فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) لانّه من ذاته ان يكون ليس في ذاته وصفاته ، ومن الله ان يكون ايسا في ذلك كلّه فكأنّه تعالى قال : لم يكن له نور لانّه ماله من نور من ذاته ، وللاشارة الى بعض وجوه التّأويل ورد عن الصّادق (ع) شرح في تأويل الآية حتّى قال : إذا اخرج يده المؤمن في ظلمة فتنتهم لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا إماما من ولد فاطمة (ع) فماله من نور امام يوم القيامة (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ) جواب لسؤال مقدّر نشأ من قوله يسبّح له فيها فانّ تقييد التّسبيح بكونه في تلك البيوت وكونه من رجال مخصوصين يوهم انّه لا يسبّح له في غيرها فصار المقام مقام ان يسأل عن تسبيح غير الرّجال المذكورين والتّسبيح في غير تلك البيوت فقال تعالى : الم تر خطابا لمحمّد (ص) أو لمن يتأتّى منه الرّؤية فانّ الرّائى إذا نظر بأدنى تأمّل رأى انّ جميع الذّرّات في جميع الأحوال وجميع الأفعال يكونون في تسبيح الرّبّ والتّسبيح للرّبّ ، فانّ الكلّ يكونون في الاستكمال الفطرىّ على الدّوام وهذا الاستكمال تنزيه للّطيفة الّتى هي اسم الرّبّ ومرآته عن سمة النّقصان وحجب القوى وإخراج لها من القوى الى الفعليّات ، وهذا التّسبيح أتمّ من التّسبيح اللّسانىّ الاختيارىّ الّذى يكون أكثر الأوقات مشوبا بالأغراض النّفسانيّة وتدنيسا لتلك اللّطيفة وتركا للتّسبيح في الحقيقة وضدّا له ، وقد سبق مكرّرا انّ المراد بتسبيح الرّبّ سواء عدّى بنفسه الى الرّبّ أو الى اسم الرّبّ أو عدّى بالباء أو باللّام الزّائدة للتّقوية أو باللّام التّعليليّة تنزيه تلك اللّطيفة عن شوب القوّة والاستعداد فانّ تلك اللّطيفة نازلة الرّبّ واسمه وتنزيهها ليس الّا للرّبّ وبتنزيهها يكون تنزيه الرّبّ فالله تعالى شأنه يسبّحه ويسبّح لأجله جميع من في السّماوات (وَ) جميع من في (الْأَرْضِ) والمراد جميع الموجودات فيهما بطريق التّغليب ويكون ذكر الطّير بعدهما لكونها ممّا ليست في الأرض ولا في السّماء في الأغلب بل بينهما ، أو المراد بهما ذو والعقول خاصّة وذكر الطّير من بين سائر الحيوان لكونها أشرف من أكثر اصنافه وأكثر تفطّنا (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) اى حالكونها ذوات صفيف الاجنحة في الجوّ ، وهذا التّقييد يشعر بانّ ذكرها لكونها في الجوّ (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ) الصّلوة الدّعاء والرّحمة والعبادة المخصوصة الموضوعة في كلّ ملّة ولكلّ أمّة والكلّ مناسب فانّ الله يعلم دعاء كلّ والرّحمة اللّائقة به وعبادته الخاصّة به ، وكلّ من في الأرض والسّماء والطّير قد علم كيفيّة دعائه لله وطريق الرّحمة الخاصّة به والعبادة المخصوصة به ، فانّ طريق رحمة كلّ وكيفيّة دعائه لله هو سيره على طريقه الخاصّة به وعدم الانحراف منها