أو غيرها وبالبيع التّجارة المعهودة (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) قد مضى في سورة البقرة عند قوله (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) تحقيق الذّكر واقسامه ، والذّكر سواء كان لسانيّا جليّا أو جنانيّا خفيّا أو صدريّا حقيقيّا ويعبّر عنه بالسّكينة والفكر والحضور وهو مثال الشّيخ المتمثّل عند السّالك لقوّة اشتغاله بالذّكر المأخوذ منه أو كان تذكّرا لأمره ونهيه عند كلّ فعل لا ينافي الاشتغال بالمكاسب ، بل إذا كان حال السّالك ملاحظة امره تعالى ونهيه عند فعاله وكان كسبه بلحاظ امره تعالى وعدم قعوده عن الكسب بلحاظ نهيه تعالى كان كسبه ذكرا بل كان من أشرف أقسام الذّكر كما مضى في سورة البقرة ، فانّ الذّكر اللّسانىّ والجنانىّ عبارة عمّا يجرى على اللّسان أو على الجنان ويذكر الإنسان بسببه صفات الرّحمن وهذا الكسب بذلك اللّحاظ يذكر الإنسان بسببه صفتي لطفه وقهره واضافتى امره ونهيه ، فالرّجال لا يتركون الكسب لذكر الله بل يجعلون الكسب ذكرا لله (وَإِقامِ الصَّلاةِ) قد مضى في اوّل البقرة تحقيق وتفصيل للصّلوة وأقسامها وإقامتها (وَإِيتاءِ الزَّكاةِ) قد مضى هناك بيان الزّكاة وايتائها مفصّلا روى عن الصّادق (ع) انّهم كانوا أصحاب تجارة فاذا حضرت الصّلوة تركوا التّجارة وانطلقوا الى الصّلوة وهم أعظم اجرا ممّن لا يتّجر ، وفي خبر : هم التّجّار الّذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله إذا دخل مواقيت الصّلوة ادّوا الى الله حقّه فيها ، وسئل الصّادق (ع) عن تاجر فقيل : صالح ولكنّه قد ترك التّجارة ، فقال (ع) : عمل الشّيطان ، ثلاثا ، اما علم انّ رسول الله (ص) اشترى عيرا أتت من الشّام فاستفضل فيها ما قضى دينه وقسّم في قرابته يقول الله عزوجل : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) (الآية) يقول القصّاص : انّ القوم لم يكونوا يتّجرون ، كذبوا ولكنّهم لم يكونوا يدعون الصّلوة في ميقاتها وهو أفضل ممّن حضر الصّلوة ولم يتّجر (يَخافُونَ) حال أو صفة بعد صفة لرجال أو خبر بعد خبر اى هم رجال يخافون أو خبر لرجال أو جواب لسؤال مقدّر في مقام التّعليل (يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ) في الأحوال من الحزن والسّرور والقبض والبسط والخوف والرّجاء وغير ذلك من الأحوال المتضادّة وذلك لكثرة ما ترى من أسباب ذلك فانّ ذلك اليوم يوم يعرض فيه الجنّة ونعيمها والجحيم وأنواع عذابها على الخلق (وَ) تتقلّب (الْأَبْصارُ) من الانفتاح والانغماز ، والشّخوص والخشوع ، والدّوران والسّكون ، أو تتقلّب القلوب من اخسّ أحوالها الى أشرفها ، أو من حالاتها الخسيسة الى اخسّها ، أو الأبصار من ابصارها الى العمى أو من ضعف الأبصار الى حدّته ، أو تتحرّك القلوب الى الحناجر والأبصار يمنة ويسرة لكثرة المدهشات ، أو تتقلّب القلوب من الشّكّ الى اليقين والأبصار ممّا رأته غيّا فتراه رشدا (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) اللّام اشارة الى العاقبة أو الى العلّة الغائيّة وعلّة لقوله تعالى : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) أو (يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) أو لاذن الله أو لترفع أو ليذكر فيها اسمه ، أو ليسبّح أو لقوله (لا تُلْهِيهِمْ) أو لذكر الله واقام الصلوة أو ليخافون أو للتقلب فيه القلوب ، أو للكلّ على سبيل التّنازع ، والجزاء بأحسن ما عملوا امّا بان لا يجزى غيره سواء كان حسنا أو قبيحا ، أو بان يجزى جميع الأعمال حسنها وأحسنها وقبيحها بجزاء أحسنها ، وهذا هو المراد ، وقد مضى في سورة التّوبة في نظير الآية بيان لوجه جزاء جملة الأعمال بجزاء أحسنها (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) من غير نظر الى عمله واستحقاقه (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) عطف أو حال في معنى التّعليل أو عطف فيه معنى الاضراب والتّرقّى فانّ الظّاهر من الزّيادة على قدر جزاء العمل ان تكون بقدر وحساب فأضرب عنه وقال بل يرزقهم بغير حساب وانّما قال الله يرزق من يشاء بغير حساب لافادة هذا المعنى والتّعليل عليه فكأنّه قال : بل الله يرزقهم بغير حساب لانّهم يشاءوهم الله والله يرزق من يشاء بغير حساب (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) عطف على