وجوه الناس يوم القيامة
(كَلَّا) كلمة رفض للواقع الذي يعيشه الناس في أوضاعهم الكافرة التي يحاولون إظهارها بمظهر الخلاف الفكري بين مسألتي الإيمان والكفر ، ليبرروا بذلك مواقفهم غير المسؤولة ، في ما يحاولون إثارته من الشبهات السطحية حول الآخرة.
(بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) وهي الدنيا التي استغرقتم في ملذّاتها وشهواتها وامتيازاتها بالمستوى الذي كنتم ترفضون من خلاله كل فكر ووحي يحدّد لكم حدود المواقف ، وينظم حركة الشهوات ، ويلغي الامتيازات الطبقية الاستكبارية التي استأثرتم بها على حساب المستضعفين المحرومين.
(وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) فلا تفكرون فيها تفكير المسؤولية ، ولا تواجهون الحديث عنها بالمنطق الواعي الذي يلاحق كل حديث ليدرس احتمالاته لتحديد الموقف الفكري أو الواقعي منها ، ولذلك تهملون أمر الآخرة وتتصرفون أمام الحديث عنها ، تصرّف المنكر لها ، وتبتعدون عن الاستعداد لها.
وهذه هي مشكلة الكثيرين من الناس الذين أطبقت عليهم خصوصياتهم الذاتية في الدنيا ، فحاولوا أن يمنحوها صفة فكرية على حساب الواقع المتحرك الذي يحدد مواقفهم في دائرة المصالح الشخصية.
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) وهذه هي صفة مجتمع المؤمنين في يوم القيامة ، المنعكسة في وجوههم التي تحدّق بالموقف الرهيب ، فهناك الوجوه المليئة بالحيويّة والنضارة والإشراق ، انطلاقا من الطمأنينة الروحية ، والهدوء النفسي ، والإشراق الداخلي المنطلق من الإيمان بالله في انفتاحه على الحق النازل من