بأنه «يدفعه تفريع قوله : (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) على الابتلاء ، ولو كان المراد به التكليف ، كان من الواجب تفريعه على جعله سميعا بصيرا لا بالعكس» (١).
ونلاحظ على كلام صاحب الميزان أن كلمة «نبتليه» صفة للإنسان باعتبار أن ذلك هو العنوان لوجوده للغاية من خلقه ، وإذا كان المعنى اللغوي لكلمة الابتلاء هو الانتقال من حال إلى حال ، فإن المعنى العرفي المتبادر إلى الذهن هو الامتحان والاختبار ، أمّا التفريع فقد كان على أصل خلق الإنسان الموصوف بهذه الصفة ، في ما يريده الله منه في طبيعة وجوده ، وعلى هذا الأساس ، فإن المعنى الثاني أنسب بالآية ، والله العالم.
(فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) باعتبار أن السمع والبصر هما الوسيلتان الحيويتان اللتان يمكن أن يحصل الإنسان من خلالهما على أكثر مصادر المعرفة ، أو من جهة ما يسمعه من كلمات الحق في وحي الله وفي الأحاديث العامة للناس ، أو من ناحية ما يبصره من آيات الله في الكون ، ومن حركة المخلوقات الحيّة من حوله ، ليستعمل المسموعات والمبصرات كموادّ خامّ للفكر الذي يمكن أن ينتجه بعقله ليكون ذلك حجّة له ، في ما يلتزمه من فكر يتصل بالله أو حجّة عليه في ما يلتزمه من فكر يرتبط بالشيطان.
* * *
إنّا هديناه السبيل
(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) الذي يؤدي به إلى الله من خلال ما يدركه عقله وما يتحرك فيه سمعه وبصره ، وما يوحي به الله إليه ، أو يلهمه معرفته بفطرته
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢٠ ، ص : ١٣٣.