بالقرآن ، كأسلوب من أساليب التوبيخ ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أن الاتهام بالشعر يراد من خلاله الإيحاء بترك الإيمان به ، باعتبار أن الناس قليلا ما تؤمن بقول الشاعر لأنه لا ينطلق لديهم من موقع الحقيقة.
(وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ) من هؤلاء الكهّان الذين يعتقد أهل الجاهلية أنهم يأخذون معلوماتهم من الجنّ ، وبذلك يكون القرآن قولا يلقيه الجنّ إليهم ، (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) أي لا يتذكر به أحد منكم إلا القليل ، أو لا ينطلق التذكر من خلاله لأنه إذا كان قول كاهن يستمد كلامه من الجن فلا يملك القداسة التي تدفع إلى التذكر من خلال الروحية التي يحملها الكلام.
* * *
القرآن تنزيل من رب العالمين
(تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) فهو وحده الذي خلقه وأنزله على رسوله ، ليكون نورا للعالمين من الجن والإنس في ما ينبغي لهم أن يأخذوا به في نظام حياتهم على مستوى المفاهيم والمناهج والأحكام في الشؤون العامة والخاصة.
(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) بحيث زاد النبي كلاما من عنده ونسبه إلى الله (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) كما يقبض على المجرم فيؤخذ بيده أو يمنع بالقوة من القيام بما يحتاج إلى استعمال اليد ، أو قطعنا يده اليمنى أو نحو ذلك.
(ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) وهو ـ كما قيل ـ عرق يسقي الكبد ، وإذا انقطع مات صاحبه ، وقيل : هو رباط القلب ، فيكون التعبير على كل حال كناية عن قتله بقطع ما يعتبر شريانا للحياة ، ولن يستطيع أحد أن يخلّصه من ذلك (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) لأن الله إذا أراد أمرا فلا يمكن لأحد من عباده مهما كانت درجة قوته أن يحول بينه وبينه.