موقع القدرة والعظمة ، وقد أشار القرآن الكريم إلى الجانب الإيجابي في هذا المجال بقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الأعراف : ٩٦] وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ* وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) [المائدة : ٦٥ ـ ٦٦] وقوله تعالى : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ* وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) [هود : ٢ ـ ٣].
أمّا في الجانب السلبي فقد جاء في قوله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم : ٤١] وقوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠].
* * *
في خلقكم أطوارا سرّ عظمة القدرة الإلهية
(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) أي لا تأملون له توقيرا أي تعظيما ، وقد يبدو أن الرجاء هنا وارد على سبيل الكناية باعتبار ما يمثله الرجاء من محبة الشيء المرجوّ ، والالتزام به ، في ما يمثله من مواقع الالتزام. وبذلك يكون المقصود ـ والله العالم ـ ما لكم لا تلتزمون مواقع العظمة لله في ما تفرضه من توقير لمقامه بالإيمان بالله والالتزام بأوامره ونواهيه.
(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) أي خلق كلّ واحد منكم تارات متنوّعة ، وذلك في ما تعبر عنه الأطوار الجنينية من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى الهيكل العظمي إلى الخلق الكامل ، أو في ما تعبر عنه مراحل النموّ الإنساني من الطفولة إلى الشباب ، إلى الشيخوخة.