كما جرى الحديث في القرآن عن الناس في ذلك كله.
وهكذا جاء الوحي للنبي ليحدّثهم عن هؤلاء الذين استمعوا إليه وهو يقرأ القرآن : (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) في أسلوبه وحلاوته ومفاهيمه العميقة الرائعة ، (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) في براهينه ودلائله على الله وتوحيده وشرائعه التي تبني الوجود على أساس النظام المتوازن في ما يدعو إليه من العمل على أساس الخير والابتعاد عن الشر ، (فَآمَنَّا بِهِ) لأننا لا نملك أن نتوقف أو نتردد أمام الحقيقة الإيمانية التي فرضت نفسها علينا من موقع القناعة اليقينيّة ، فعرفنا أن الله وحده هو ربنا ورب كل شيء فآمنا به (وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) لأن كل موجود غيره فهو مخلوق له ، محتاج إليه ، فكيف يمكن أن يكون شريكا له؟!
* * *
حديث الجن عن الله
(وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) أي حظه من العظمة والعلو والمجد والتنزّه عن مماثلة الآخرين له ، (مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) لأن ذلك شأن المخلوق في حاجته الطبيعية إلى ذلك ، لا شأن الخالق الذي لا يحتاج إلى شيء ، لأنه الغني عن الحاجات ، من خلال غناه في ذاته.
(وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) فقد كان في مجتمعنا جماعة من السفهاء الذين لا يلتزمون المنطق العاقل المتّزن في تصورهم لله وفي حديثهم عنه ، فقد كانوا يشركون بالله من دون علم ، ويتحدثون بذلك فيما بينهم ، ويخرجون عن خط التوازن في ذلك كله ، فيتجاوزون الحدّ المعقول في الفكرة والكلمة.
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً) لأنه ليس من المعقول أن