دائرة محرّماته.
وفي ضوء ذلك ، نفهم أنّ العفّة عن العلاقة المحرّمة تمثّل وحيا من إيحاءات الصلاة ، في ما تؤكده في شخصية المصلّي من مراقبة الله سبحانه في حركة الحلال والحرام في حياته.
* * *
من هم المكرمون في الجنة؟
(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) فقد أراد لهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها وأن يراعوها حق رعايتها ، كما أمرهم الله برعاية العهد بالحفاظ عليه في كل مفرداته ، وبالوفاء به بكل التزاماته ، لأن ذلك هو ما يفرضه الإيمان على الإنسان المؤمن من احترام تعهداته للناس باعتبار أنها تمثل لونا من ألوان تعهداته لله ، من خلال علاقة العهد الإنساني بالله وبالناس ، فيما هي حركة المسؤولية المزدوجة في سلوكه العملي ، (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) لأن الشهادة التي يحملها الإنسان في حياته في ما يعرفه من قضايا الناس المتصلة بالحقوق التي يملكها البعض لدى الآخر ، هي نوع من الأمانة التي لا يملك أن يمنعها عن صاحبها ، فيجب عليه أداء الشهادة إذا دعي إلى إقامتها ليؤدي ذلك إلى وضوح الحق ووصوله إلى صاحبه ، بينما يمثّل كتمانها ضياع الحق بسببه فيكون نوعا من الخيانة المعنوية التي لا يريد الله للمؤمن أن يعيش فيها في ما يتحمّله من المسؤولية. (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) فيؤدونها كاملة غير منقوصة للاهتمام بها في كل أجزائها وشروطها وأذكارها وروحيتها ، لأن ذلك هو الذي يحقّق النتائج الروحيّة والعمليّة منها ، باعتبار أن كل ما فرض فيها من أفعال وتروك فهو داخل في العناصر المؤثرة في الغايات المترتبة عليها (أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ).
* * *