(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) لأنه الذي يملك الملك كله والقدرة كلها ، ولأنه الذي يعفو عن عباده في الدنيا والآخرة ، ويغفر سيئاتهم ؛ وعليهم أن يراقبوه لموقع عزته ، وأن يطمعوا في عفوه لموقع مغفرته.
* * *
انظر في خلق السماوات
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) ربما أريد بكلمة الطباق ، التطابق فيما بينها بحيث يكون بعضها مطابقا فوق بعض ، وربما أريد به التشابه بحيث يشبه بعضها بعضا في الهيكل والشكل.
(ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) فقد خلق الله الخلق كله جامعا لجميع الخصائص التي تؤدّي به إلى غايته ، من دون أيّ خلل في تكوينه ، أو نقص في طبيعته ، بالرغم من اختلافه في الشكل والعمق والغاية ، ولعلّ في إضافة كلمة الخلق إلى الرحمن بعض الإيحاء بأن المعنى العام للخلق في كل مفرداته يتحرك في مواقع الرحمة الإلهية العامة للناس.
(فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) فليس هذا التناسق الدقيق الذي لا يخفي أيّة ثغرة في داخله نتيجة انطباع كوّنته نظرة عابرة سطحية لا تحدّق إلا بالظاهر بشكل سريع ، بل هي النظرة الدقيقة التي تتكرر لتلاحظ وتدقق بالصورة بجميع جوانبها بدقّة وإمعان ، بحيث إذا فاتها شيء في النظرة الأولى فلا بد من أن يبدو في النظرة الثانية ، ثم لن ترى هناك أيّ اختلال في ما تراه.
(ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) أي رجعة بعد رجعة وتابع النظر بشكل دقيق لتكتشف بعض الخلل هنا وبعض الثغرات هناك ، (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) أي يرتد البصر إلى صاحبه منقبضا مهينا لا يملك أيّ شيء جديد في