وهكذا كانت الآيات حاسمة في مسألة تحريف القرآن بالزيادة عليه ، بحيث لو كان النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي يقوم بذلك لتعرض لجزاء الله ولكنه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الصادق في كلامه لا يقول إلا حقا وصدقا ، الأمين على كل شيء ، لا سيّما على وحي الله ، فلا يزيد فيه شيئا ، ولا يخون أمانة الله في كتابه ، بل يقدّمه إلى الأمة كلها كما أنزله الله مصونا من أيّة زيادة ومن أي نقصان.
* * *
القرآن تذكرة للمتقين
(وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) الذين يعيشون روحية التقوى في حياتهم الفكرية والعملية ، ويحرصون على أن يكون كل ما يؤمنون به أو يلتزمون به مطابقا لرضى الله في وحيه ولرضى رسول الله في شريعته ، فيقرءون الكتاب المنزل من الله فيجدون فيه التذكرة من كل غفلة والوعي من كل جمود ، فيستقيمون به على الخط المستقيم ، ويرتفعون به إلى الدرجات العليا في معرفة الله وفي الإخلاص لدينه وفي الجهاد في سبيله.
أمّا غير المتقين ، فقد أراد الله أن يفتح لهم باب التقوى من خلال كتابه ولكنهم رفضوا ذلك لأنهم لم ينطلقوا في حياتهم من مراقبة الله في أمره ونهيه ولم يحرّكوا فكرهم في ما يتمثل في كتاب الله من المعرفة الحقة التي تخطط للإنسان نهج الحق وطريق الصدق ، فانحرفوا عن الخط ، واتبعوا الضلالة العمياء.
(وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) يواجهونه بمنطق التكذيب الذي لا يرتكز على حجة ، ولكن ذلك لن يضر الإسلام شيئا ، ولن يمنع كتاب الله أن يفرض نفسه على الحياة في خط المعرفة وطريق الالتزام.
* * *