حصيلة الكفر والإيمان
(إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) فهذه هي حصيلة الكفر في الآخرة ، فالكافرون يعانون من القيود والأغلال في جهنم ، لأنهم عاشوا في الدنيا سجناء مقيدين بأغلال شهواتهم وسلاسل أطماعهم ، وهم يحترقون بالسعير في النار ، لأنهم خضعوا للاحتراق بسعير شهواتهم المحرّمة في الدنيا.
(إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) هؤلاء الذين عاشوا الإيمان في عقولهم ، والإخلاص في قلوبهم ، والطهارة في مشاعرهم ، والالتزام بأوامر الله ونواهيه في حياتهم العملية العامة والخاصة ، وساروا في خطّ الله والدعوة إليه والجهاد في سبيله ، والإنفاق على المحرومين ابتغاء لوجهه ، وجعلوا من حياتهم عنوانا للعبودية الخالصة المخلصة لله ، هؤلاء الذين عاشوا البرّ فكرا وقولا وعملا ، فعاشوا الظمأ لرحمة الله ولرضوانه ، وبحثوا عن الريّ ، حتى سقاهم الله من كؤوس النعيم شرابا يمتزج بالكافور الذي هو رمز العطر في رائحته الطيبة التي تملأ الروح والقلب والشعور إحساسا بالسعادة الغامرة التي تنساب في كل مكامن الإحساس ، ولكن من أين هذا الشراب الطيب المعطر؟ (عَيْناً) أي من عين على طريقة نزع الخافض ، (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) الذين ارتضاهم الله لعبادته في عمق معنى العبودية الخالصة المنفتحة عليه (يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) فهي خاضعة لإرادتهم ، فإذا شاءوا أن يفجروها فإنها تستجيب لهم ، ليشربوا منها في كل حين.
* * *