الإنسان بالجنة أمام عينيه في الآيات التي تتحدث عن الجنة ، وبالنار تقترب من وجهه حتى لتكاد تلفحه في حرارتها ، في الآيات التي تتحدث عن النار ، كما يلتقي بالله في استغراقه في معنى الألوهية في ذاته ليعيش في آفاق معاني رحمته وغضبه وقوّته وجبروته ولطفه وعظمته ، ليتمثل حضوره في كل روحه وقلبه وشعوره ، وتتحول العقيدة عنده إلى جزء من حركة الذات في الفكر والإحساس .. وهذا ما يمكن أن يوحي به الترتيل الذي يقف بك عند كل كلمة ، ويطوف بك في كل إيحاء ، وينطلق بك في كل المعاني التي تتّسع آفاقها في معنى الحياة ، فتتجاوز مدلول الكلمات.
* * *
إنّا سنلقي عليك قولا ثقيلا
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) وهو القرآن الذي يحمل في داخله كل مفاهيم الرسالة وخطوطها الفكرية والعملية في الحياة ، مما يدفع الإنسان إلى الالتزام في دائرة المسؤولية التي تثقل عليه من خلال تحويل الحياة في وجدانه الحركيّ ، من ساحة للاسترخاء واللّامبالاة والسكون والحرية الغارقة في بحار الشهوات ، والمتخبطة في وحول الجريمة ، إلى ساحة للدعوة إلى تصحيح الفكر واستقامة القصد ، ووضوح الهدف ، وطهارة الوسائل ، وتنظيم الحياة ، وتوجيه الإنسان نحو القضايا الكبيرة التي تلتقي برضى الله في مواقع رحمته وحكمته في الدنيا والآخرة.
على ضوء ذلك ، فإن القول الثقيل لا يتمثل في الثقل المادي كما توحي بعض الروايات التي تعبر عن الضغط والتأثيرات الشديدة التي كان يتعرض لها النبي في جسده عند نزول الوحي عليه ، بل يتمثل في ثقل المسؤولية التي