ما عاهدوا الله عليه ، وأنهم مستعدون للتضحية بكل غال ونفيس فداء للمبدأ والعقيدة التي آمنوا بها ، حتى ولو استدعى ذلك إلى بذل نفوسهم وأرواحهم.
وإليك القصة بالروايتين :
الرواية الأولى
٣٥٥ ـ قصة الغلامين ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٧١)
قال صاحب (الناسخ) : إن هانئ بن عروة لما أخذ وحبس ، وخرج مسلم بن عقيلعليهالسلام من دار هانئ ، وجمع شيعته ، واجتمعوا حوله وخرجوا على عبيد الله بن زياد ، دعا مسلم بن عقيل عليهالسلام بابنيه محمّد وإبراهيم وكانا معه ، وسلّمهما إلى شريح القاضي ، وأوصاه بهما ، وكانا في داره حتى قتل مسلم عليهالسلام. فأخبر ابن زياد بأن ابني مسلم محمدا وإبراهيم كانا مع مسلم ، وقد اختفيا في البلد. فأمر فنودي : من له علم بخبر ابني مسلم ولم يخبرنا فهو مهدور الدم. ولما سمع شريح أحضرهما وأشفق عليهما وبكى. فقالا : يا شريح ما هذا البكاء؟ فقال : لقد قتل أبوكما مسلم. فلما سمعا بكيا بكاء شديدا ، وناديا بالويل والثبور ، وصاحا : وا أبتاه وا غربتاه!. فجعل يسلّي خاطرهما ويعزّيهما بأبيهما. ثم أخبرهما بخبر عبيد الله بن زياد ، فخافا وسكتا. فقال شريح : أنتما قرة عيني وثمرة فؤادي ، ولا أدع أن يظفر بكما أحد ، من ابن زياد ولا غيره ، وأرى أن أسلّمكما إلى رجل أمين حتى يوصلكما إلى المدينة.
ثم دعا بابن له يقال له الأسد ، وقال : بلغني أن قافلة شدّوا على رحالهم يريدون المدينة ، فخذ هذين الصبيين وسلّمهما إلى رجل أمين ، كي يوصلهما إلى المدينة. ثم قبّلهما وأعطى لكل واحد منهما خمسين دينارا ، وودّعهما.
فلما مضى من الليل شطره حملهما ابن القاضي إلى ظهر الكوفة ، ومضى بهما أميالا. ثم قال : أيا ولديّ إن القافلة قد رحلت ومضت ، وهذا سوادها. امضيا حتى تلحقا بها وعجّلا في المشي. ثم ودّعهما ورجع.
ومضى الغلامان في سواد الليل وجعلا يسرعان حتى تعبا ، وإذا بنفر من أهل الكوفة قد عارضوهما وأخذوهما ، وجاؤوا بهما إلى عبيد الله بن زياد. فدعا عبيد الله بالسجّان وسلّمهما إليه. وكتب إلى يزيد كتابا وأخبره بقصتهما.