٩٠٣ ـ خفقة النشيد الأخيرة : (المصدر السابق ، ص ١٣١)
منذ ثلاثة عشر قرنا ، والكلام على الحسين عليهالسلام : أخضر ، أزهر ، فوّاح ، معطار ، يفرح ويبكي ، ويمجّد ويرفع. ثم لا ينتهي بانطواء جيل ، وولادة آخر.
ومنذ ذلك الزمن ، وقلّ أن يذكر الذاكرون يزيد ، وابن زياد ، وابن سعد ، وابن ذي الجوشن ، إلا كما يذكر أحدنا : الحرباء والعقرب والخنزير. بينما يتردد اسم البلبل والروضة والجدول ، تردد النسيم والشعاع والماء ، في العيون والمعاطس ، والأفواه والقلوب. ذلك بيّن الخطوط والألوان.
فالحسين عليهالسلام دخل في تراث الانسانية ، واحدا من بناة شمائلها ، وعمارة حضارتها. وغلّب جانب الخير والحق والجمال ، على جانب الشر والباطل والضلال ، فأصبح كوكبا في كل سماء من أرض البشر ، يجري اسمه على الأقلام ، مجرى نشيد الانتصار على الحناجر والأوتار.
يبقى أمر مهمّ إضافة لما قدّمنا ، هو أمر البطل يكون شاهدا وشهيدا ، عندما يقدم بشجاعة قلّ نظيرها ، لدى القادة الأبطال المقدمين.
فصحيح أن سقراط مات ، واختار قدح السمّ ، وشربه بشوق. لكنه مضى وحده!.
وصحيح أن المسيح عليهالسلام صلب على مذهب النصارى ، لكنه توجّع وتوسّل وصاح : إلهي إلهي لماذا تركتني؟!. ورفعه الله إليه. ثم مضى وحده!.
الإسكندر : حمّ ومات!. هنيبال : هرب وتاه وضاع!.
نابليون : انطفأ في الأسر!. هتلر : انتحر!.
موسيليني : جرّ كما تجرّ الهرّة!.
وخالد بن الوليد : كره الموت على الفراش!.
وهؤلاء جميعا كانوا قادة ، على اختلاف وتباين في المعتقد والمنهج والفضيلة ، لكن واحدا منهم لم يرسم وهو على شفير النهاية ، بعينيه وقلبه وجسده المفجع ، والخارق والمذهل ، كما رسم الحسين عليهالسلام ومعه أفلاذ أسرته كلهم ، وأحباء قلبه