عبد الحميد ، قال : دخلت على ابراهيم الديزج وكنت جاره أعوده فى مرضه الذي مات فيه ، فوجدته بحال سوء واذا هو كالمد هوش وعنده الطبيب ، فسألته عن حاله وكانت بينى وبينه خلطة وأنس يوجب الثقة بى والانبساط الىّ ، فكاتمنى حاله وأشار لى الى الطبيب ، فشعر الطبيب باشارته ولم يعرف من حاله ما يصف له من الدواء ما يستعمله ، فقام فخرج وخلا الموضع ، فسألته عن حاله.
فقال : أخبرك والله واستغفر الله إنّ المتوكّل أمرنى بالخروج الى نينوى الى قبر الحسين عليهالسلام ، فأمرنا أن نكر به ونطمس أثر القبر ، فوافيت الناحية مساء ومعنا الفعلة والمرور والزكار معهم المساحى والمروز ، فقدمت الى غلمانى وأصحابى أن يأخذوا الفعلة بخراب القبر وحرث أرضه ، فطرحت نفسى لما نالنى من تعب السفر ونمت ، فذهب بى النوم فاذا ضوضاء شديد وأصوات عالية وجعل الغلمان ينبهونى ، فقمت وأنا ذعر فقلت للغلمان : ما شأنكم؟ قالوا : أعجب شأن.
قلت : وما ذاك؟ قالوا : ان بموضع القبر قوما قد حالوا بيننا وبين القبر وهم يرمونا مع ذلك بالنشاب ، فقمت معهم لأتبين الأمر فوجدته كما وصفوا وكان ذلك فى أوّل من ليالى البيض فقلت : ارموهم فرموا فعادت سهامنا إلينا ، فما سقط سهم منها الى صاحبه الذي رمى به فقتله ، فاستو حشت لذلك وجذعت وأخذتنى الحمى والقشعريرة ، ورحلت عن القبر لوقتى ووطنت نفسى على أن يقتلنى المتوكل لما لم أبلغ فى القبر جميع ما تقدر الى به.
قال أبو بريرة : فقلت له قد كفيت ما تحذر من المتوكل قد قتل بارحة الأولى وأعان عليه فى قتله المنتصر ، فقال لى : قد سمعت بذلك وقد نالنى فى جسمى ما لا أرجو معه البقاء ، قال أبو بريرة : كان هذا فى أول النهار فما أمسى الديزج حتى مات.
قال ابن خنيس : قال أبو الفضل : انّ المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة عليهاالسلام فسأل رجلا من الناس عن ذلك فقال له : قد وجب عليه القتل الا انه من قتل أباه لم يطل