إذا تكلّم أطرق جلساءه كأنّما على رءوسهم الطّير ، فاذا سكت تكلّموا ، ولا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلّم أنصتوا له حتّى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أوّلهم ، يضحك ممّا يضحكون منه ، ويتعجّب ممّا يتعجّبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة فى مسألته ومنطقه حتّى أن كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارقدوه ، ولا يقبل الثّناء إلّا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد كلامه حتّى يجوز فيقطعه بنهى أو قيام.
قال : فسألته عن سكوت رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : كان سكوته على أربع : على الحلم والحذر ، والتقدير ، والتفكّر ، فأمّا التقدير ففى تسوية النظر والاستماع بين النّاس ، وأمّا تفكّره ففيما يبقى أو يفنى ، وجمع له الحلم فى الصبر ، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزّه جمع له الحذر فى أربع ، أخذه بالحسن ليقتدى به ، وتركه القبيح لينتهى عنه واجتهاده الرأى فى صلاح امّته ، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا والآخرة (١).
٥ ـ باب الامامة
١ ـ الصفّار : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حمّاد ، عن صباح المزنى ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الحكم بن عتيبة ، قال لقى رجل الحسين بن علىّ عليهماالسلام بالثعلبيّة وهو يريد كربلا فدخل عليه فسلّم عليه ، فقال له الحسين عليهالسلام من أىّ البلدان أنت فقال من أهل الكوفة ، قال يا أهل الكوفة أما والله لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل من دارنا ونزوله على جدّى بالوحى ، يا أخا أهل الكوفة
__________________
(١) معانى الاخبار : ٨١ ـ ٨٣.