سواء ، في عدم المغفرة والتّخليد في النار ، وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) [البينة : ٦].
[١٦٣] فإن قيل : كيف قال : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ) [النساء : ٤٩] ، ذمّهم على ذلك ، وقال أيضا : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) [النجم : ٣٢] ، وقد زكّى النبيّ صلىاللهعليهوسلم نفسه فقال : «والله إنّي لأمين في السماء أمين في الأرض». ويوسف ، عليهالسلام ، قال : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)؟.
قلنا : إنّما قال ذلك حين قال المنافقون : اعدل في القسمة ، تكذيبا لهم ؛ حيث وصفوه بخلاف ما كان عليه من العدل والأمانة. وأمّا يوسف ، عليهالسلام ، فإنّه إنّما قال ذلك ليتوصّل به إلى ما هو وظيفة الأنبياء ، وهو إقامة العدل وبسط الحقّ وإمضاء أحكام الله تعالى ؛ ولأنّه علم أنّه لا أحد ، في ذلك الوقت ، أقوم منه بذلك العمل ؛ فكان متعيّنا عليه ؛ فلذلك طلبه وأثنى على نفسه.
ومع ذلك كله ، فإنّه روي عن النبيّ ، عليه الصلاة والسلام ، أنّه قال : «رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلني على خزائن الأرض ، لاستعمله من ساعته ؛ ولكنّه أخّر ذلك سنة».
[١٦٤] فإن قيل : كيف قال : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) [النساء : ٥١] إلى أن قال : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) ، حصر لعنته فيهم ؛ لأن هذا الكلام للحصر ؛ وليست لعنة الله منحصرة فيهم ؛ بل هي شاملة لجميع الكفّار.
قلنا : قوله : (أُولئِكَ) إشارة إلى القائلين : (لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) [النساء : ٥١] ؛ وهذا القول موجود من جميع الكفّار ، فكانت اللّعنة شاملة للجميع.
[١٦٥] فإن قيل : كيف قال : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا
__________________
[١٦٤] الجبت : هو الرذل والنذل الذي لا خير فيه ولا مروءة ترجى منه. ويطلق على كل ما يعبد من دون الله ويطاع جبت ، كحكام الجور والكهنة.
ـ الطاغوت : يقال لكل متعدّ ، ومتجاوز لحدّه ، أو لكل معبود من دون الله سبحانه. ويطلق على الواحد والجمع. ويقال لكل من يحرف الناس عن سبيل الحق طاغوت.
[١٦٥] البيت لم نقف على نسبته لقائل ، ويروى أيضا هكذا :
فما الناس بالنّاس الذين عهدتهم |
|
ولا الدّار بالدّار التي كنت أعرف |