فيه القليل والكثير ؛ فما فائدة قوله : (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ) [النساء : ٧]؟
قلنا : إنما قال ذلك على جهة التأكيد والإعلام أنّ كلّ تركة تجب قسمتها ، لئلّا يتهاون بالقليل من التّركات ويحتقر ؛ فلا يقسم ، وينفرد به بعض الورثة.
[١٤٢] فإن قيل : كيف قال : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء : ١١] ؛ مع أنه لو كان الولد بنتا فللأب الثلث؟
قلنا : الآية وردت لبيان الفرض دون التّعصيب ؛ وليس للأب مع البنت بالفرض إلّا السدس.
[١٤٣] فإن قيل : كيف قطع على العاصي الخلود في النار بقوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) [النساء : ١٤]؟
قلنا : أراد به من يعص الله بردّ أحكامه وجحودها ، وذلك كفر ؛ والكافر يستحق الخلود في النار.
[١٤٤] فإن قيل : كيف قال : (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) [النساء : ١٥] والتّوفي والموت بمعنى واحد ؛ فصار كأنّه قال : حتّى يميتهن الموت؟
قلنا : معناه حتّى يتوفّاهنّ ملائكة الموت.
الثّاني : معناه : حتّى يأخذهنّ ملائكة الموت ، وتتوفّى أرواحهنّ.
[١٤٥] فإن قيل : كيف قال : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ) [النساء : ١٧] ، ولم يقل : إنّما التّوبة على العبد ؛ مع أنّ التّوبة واجبة على العبد؟
قلنا : معناه إنّما قبول التّوبة على الله بحذف المضاف.
الثاني : أنّ معنى التّوبة من الله رجوعه على العبد بالمغفرة والرّحمة ، لأنّ التّوبة في اللّغة الرّجوع.
[١٤٦] فإن قيل : كيف قال : (بِجَهالَةٍ) [النساء : ١٧] ، ولو عمله بغير جهالة ، ثم تاب ، قبلت توبته؟
قلنا : معناه بجهالة بقدر قبح المعصية وسوء عاقبتها ، لا بكونها معصية وذنبا ، وكلّ عاص جاهل بذلك حال مباشرة المعصية ، معناه أنّه مسلوب كمال العلم به ، بسبب غلبة الهوى ، وتزيين الشّيطان.
[١٤٧] فإن قيل : كيف قال : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) [النساء : ١٧] ، مع أنهم لو تابوا بعد الذّنب ، من بعيد ، قبلت توبتهم؟
قلنا : ليس المراد بالقريب مقابل البعيد إذ حكمهما واحد ؛ بل معناه قبل معاينة