[٨٥٥] فإن قيل : الكلمات جمع قلّة والمقصود التفخيم والتعظيم ، فكان جمع الكثرة وهو الكلم أشد مناسبة؟
قلنا : جمع القلّة هنا أبلغ فيما ذكرتم من المقصود ؛ لأن جمع القلة إذا لم يفن بتلك الأقلام وذلك المداد ، فكيف يفنى جمع الكثرة.
[٨٥٦] فإن قيل : في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) [لقمان : ١. ٥ ،] الآية كيف أضاف فيها العلم إلى نفسه في الأمور الثلاثة من الخمسة المغيبات ، ونفى العلم عن العباد في الأمرين الآخرين ، مع أنه الأمور الخمسة سواء في اختصاص الله تعالى بعلمها وانتفاء علم العباد بها؟
قلنا : إنما خص الأمور الثلاثة الأول بالإضافة إليه تعظيما لها وتفخيما ؛ لأنها أجل وأعظم ، وإنما خص الأمرين والآخرين بنفي علميهما عن العباد ، لأنهما من صفاتهم وأحوالهم ، فإذا انتفى علم علمهما كان انتفاء علم ما عداهما من الأمور الخمسة أولى.
[٨٥٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) [لقمان : ٣٤] ولم يقل بأي وقت تموت وكلاهما غير معلوم ، بل نفي العلم بالزمان أولى ، لأن من الناس من يدّعي علمه وهم المنجمون ، بخلاف المكان فإن أحد لا يدعي علمه؟
قلنا : إنما خص المكان بنفي علمه لوجهين :
أحدهما : أن الكون في مكان دون مكان في وسع الإنسان واختياره ، فيكون اعتقاده علم مكان الموت أقرب بخلاف الزمان.
الثاني : أن للمكان تأثيرا في جنب الصحة والسقم بخلاف الزمان ، أو تأثير المكان في ذلك أكثر.