قلنا : المراد بوعده هنا موعده وهو الجنة ، وهي مأتية يأتيها أولياؤه.
الثاني : أن مفعولا هنا بمعنى فاعل ، كما في قوله تعالى : (حِجاباً مَسْتُوراً) [الإسراء : ٤٥]. أيا ساترا.
[٦٦٦] فإن قيل : قوله تعالى : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) [مريم : ٦٣] وقوله تعالى : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران : ١٣٣] يدل من حيث المفهوم أن غير المتقين لا يدخلون الجنة؟
قلنا : المراد بالتقوى هنا التقوى من الشرك ، وكل المؤمنين سواء في ذلك.
[٦٦٧] فإن قيل : ما معنى انفطار السموات وانشقاق الأرض وخرور الجبال من دعوتهم الولد لله تعالى ، ومن أين تؤثر هذه الكلمة في الجمادات؟
قلنا : معناه أن الله تعالى يقول : كدت أفعل هذا بالسماوات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضبا على قائلها لو لا حلمي وإمهالي وأن لا أعجّل العقوبة ، كما قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) [فاطر : ٤١] يعني أن تخر على المشركين وتنشق الأرض بهم ، ويدل على هذا قوله تعالى في آخر الآية : (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) [فاطر : ٤١].
الثاني : أن يكون استعظاما لقبح هذه الكلمة وتصويرا لأثرها في الدين وهدما لأركانه وقواعده وأن مثال ذلك الأثر في المحسوسات أن يصيب هذه الأجسام العظيمة التي هي قوام العالم ما تنفطر منه وتنشق وتخر.
[٦٦٨] فإن قيل : كيف قال تعالى هنا ، في صفة الشرك : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) [مريم : ٩٠] وهذا يدل على قوة كلمة الشرك وشدّتها ، وقال تعالى في سورة إبراهيم ، صلوات الله عليه ، في صفة كلمة الشرك : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) [إبراهيم : ٢٦] والمراد بالكلمة الخبيثة كلمة الشرك ، كذا قاله ابن عباس رضي الله عنهما ، أو بالشجرة الخبيثة شجرة الحنظل ، كذا قاله رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذا يدل على ضعف كلمة الشرك وتلاشيها واضمحلالها ، فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا : وصفت كلمة الشرك في سورة إبراهيم عليهالسلام بالضعف وهنا بالقبح ، فهي في غاية الضعف وفي غاية القبح والفظاعة فلا تنافي بينهما.
[٦٦٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) [مريم : ٩٤] والإحصاء العد على ما نقله الجوهري ، أو الحصر على ما نقله بعض أئمة التفسير ،
__________________
[٦٦٩] البيت لم نقف على نسبته لقائل.