سورة الرعد
[٤٩٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَمَنْ هُوَ
مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) [الرعد : ١٠] ولم
يقل ومن هو سارب بالنهار ، ليتناول معنى الاستواء المستخفي والسارب ، وإلا فقد
تناول واحدا هو مستخف وسارب ، أي ظاهر ، وليتناسب لفظ الجملة الأولى والثانية ،
فإنه قال في الجملة الأولى
: (مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ
بِهِ) [الرعد : ١٠]؟
قلنا
: قوله تعالى : (وَسارِبٌ) معطوف على «من» لا على مستخف ، فيتناول معنى الاستواء
اثنين.
الثاني
: أنه وإن كان
معطوفا على مستخف إلا أن من هنا في معنى التثنية كقوله :
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فكأنه قال سواء
منكم اثنان مستخف بالليل وسارب بالنهار.
[٥٠٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَما دُعاءُ
الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) [الرعد : ١٤] أي
في ضياع وبطلان ، والكفار يدعون الله تعالى في وقت الشدائد والأهوال ومشارفتهم
الغرق في البحر فيستجيب لهم؟
قلنا
: المراد : وما
عبادة الكافرين الأصنام إلا في ضلال ، ويعضده قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) [الرعد : ١٤] أي
يعبدون.
[٥٠١] فإن قيل : كيف طابق قولهم : (لَوْ لا أُنْزِلَ
عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) [الرعد : ٢٧] قوله
: (قُلْ إِنَّ اللهَ
يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) [الرعد : ٢٧]؟
قلنا
: هو كلام جرى مجرى
التعجب من قولهم ؛ لأن الآيات الباهرة المتكاثرة التي أوتيها رسول الله عليه
الصلاة والسلام لم يؤتها نبي قبله ، وكفى بالقرآن وحده آية
__________________