للوجوب ، والله تعالى لا يجب عليه شيء وإنما يرزقها تفضلا منه وكرما.
قلنا : على هنا بمعنى من ، كما في قوله تعالى : (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) [المطففين : ٢].
الثاني : أنه ذكره بصيغة الوجوب ليحصل للعبد زيادة سكون وطمأنينة في حصوله.
[٤٤٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [هود : ٧] والخطاب عام للمؤمنين والكافرين ، فإنه امتحن الفريقين بالأمر بالطاعة والنهي عن المعصية ، وأعمال المؤمنين هي التي تتفاوت إلى أحسن وأحسن ، فأما أعمال الفريقين فتفاوتها إلى حسن وقبيح.
قلنا : قوله تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ) [هود : ٧] عام أريد به الخاص وهو المؤمنون ؛ تشريفا لهم وتخصيصا ؛ فصح قوله أحسن عملا.
[٤٤٥] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) [هود : ١٢] ولم يقل وضيّق؟
قلنا : ليدل على أن ضيقه عارض غير ثابت ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم كان أفسح الناس صدرا ، ونظيره قولك : زيد سائد وجائد ، فإذا أردت وصفه بالسيادة والجود الثابتين المستقرين قلت : زيد سيد وجواد ، كذا قال الزمخشري.
[٤٤٦] فإن قيل : قال تعالى : (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) [هود : ١٣] أمرهم بالإتيان بمثله وما يأتون به لا يكون مثله ، لأن ما يأتون به مفترى والقرآن ليس بمفترى.
قلنا : أراد به مثله في البلاغة والفصاحة وإن كان مفترى. وقيل معناه : مفتريات ، كما أن القرآن مفترى في زعمكم واعتقادكم فيتماثلان.
[٤٤٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (قُلْ فَأْتُوا) [هود : ١٣] فأفرد في قوله (قُلْ) ثم جمع فقال : (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا) [هود : ١٤]؟
قلنا : الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم في الكل ، ولكنه جمع في قوله : (لَكُمْ فَاعْلَمُوا) [هود : ١٤] تفخيما له وتعظيما.
الثاني : أن الخطاب الثاني للنبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كانوا يتحدونهم بالقرآن ، وقوله تعالى في موضع آخر (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ) [القصص : ٥٠] يعضد الوجه الأول.
الثالث : أن يكون الخطاب في الثاني والثالث للمشركين ، والضمير في يستجيبوا لمن استطعتم ؛ يعني فإن لم يستجب لكم من تدعونه المظاهرة على معارضته لعجزهم فاعلموا أيها المشركون أنما أنزل بعلم الله ، وهذا وجه لطيف.
[٤٤٨] فإن قيل : قوله تعالى : (وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها) [هود : ١٦] يدل على