الظرف ، أو ما يتعلق به ، ولهذا اعترض بعضهم على سيبويه في قوله : [مجزوء الوافر]
٦٥٤ ـ لميّة موحشا طلل |
|
يلوح كأنّه خلل (١) |
إن «موحشا» حال من «طلل» ، وساغ ذلك لتقدمه ، فقال : لا حاجة إلى ذلك ، إذ يمكن أن يكون حالا من الضمير المستكنّ في قوله : «لمية» الواقع خبرا ل «طلل» ، وجوابه في موضع غير هذا. واللام في «لما معهم» وقعت لتعدية «مصدق» لكونه فرعا. و «ما» موصولة ، والظّرف صلتها ، ومعنى كونه مصدقا ، أي : موافقا لما معهم من التوراة في أمر يتعلّق بتكاليفهم بتصديق محمد صلىاللهعليهوسلم في النبوة ، وما يدلّ عليها من العلامات والنعوت ، فإنهم عرفوا أنه ليس بموافق لما معهم في سائر الشّرائع ، وعلمنا أنه لم ترد الموافقة في أدلّة القرآن ؛ لأن جميع كتب الله كذلك ، فلم تبق إلّا الموافقة فيما ذكرناه.
قوله : (وَكانُوا) يجوز فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون معطوفا على «جاءهم» فيكون جواب «لما» مرتبا على المجيء والكون.
والثاني : أن يكون حالا ، أي : وقد كانوا ، فيكون جواب «لما» مرتبا على المجيء بقيد في مفعوله ، وهم كونهم يستفتحون.
قال أبو حيان : وظاهر كلام الزمخشري أن «وكانوا» ليست معطوفة على الفعل بعد «لما» ، ولا حالا ، لأنه قدر جواب «لما» محذوفا قبل تفسيره يستفتحون ، فدلّ على أن قوله : (وَكانُوا) جملة معطوفة على مجموع الجملة من قوله : (وَلَمَّا). وهذا هو الثالث.
و «من قبل» متعلق ب «يستفتحون» ، والأصل : من قبل ذلك ، فلما قطع بني على الضم.
و «يستفتحون» في محل نصب على أنه خبر «كان».
واختلف النحويون في جواب «لما» الأولى والثانية.
فذهب الأخفش (٢) والزّجاج (٣) إلى أن جواب الأولى محذوف تقديره : ولما جاءهم كتاب كفروا به ، وقدّره الزمخشري : «كذبوا به واستهانوا بمجيئه». وهو حسن ، ونظيره قوله : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) [الرعد : ٣١] أي : لكان هذا القرآن.
__________________
(١) البيت لكثير عزة في ديوانه ٥٠٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢١١ ، وشرح التصريح ١ / ٣٧٥ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٤٩ ، والكتاب ٤ / ١٢٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١٦٣ ، وأسرار العربية ١٤٧ ، وأوضح المسالك ٢ / ٣١٠ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٣ ، والخصائص ٢ / ٤٩٢ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٤٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ١٦٦٤ و ١٨٢٥ ، وشرح قطر الندى ٢٣٦ ، ولسان العرب [خلل] ، مغني اللبيب ١ / ٨٥ و ٢ / ٤٣٦ ، الدر ١ / ٢٩٨.
(٢) ينظر معاني القرآن : ١ / ١٣٦.
(٣) ينظر معاني القرآن : ١ / ١٤٦.