تنبيه
قال «ابن زيد» : أراد به المؤمن منهم ؛ لأن عصاتهم مسخوا قردة وخنازير. وقال : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) [المائدة : ٧٨].
فصل في بيان أن خطاب الله لبني إسرائيل هو كذلك للعرب
جميع ما خوطب به بنو إسرائيل تنبيه للعرب ، وكذلك أقاصيص الأنبياء تنبيه وإرشاد ، قال تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) [يوسف : ١١١] ، وقال تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) [الزمر : ١٨].
وروى قتادة قال : ذكر لنا أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان يقول : قد مضى والله بنو إسرائيل وما يغني ما تسمعون [عن] غيركم.
فإن قيل : لما [خصهم](١) بالنعم العظيمة في الدنيا ، فهذا يناسب أن يخصهم أيضا بالنعم العظيمة في الآخرة ، كما قيل : إتمام المعروف خير من ابتدائه ، فلم أردف ذلك التخويف الشديد في قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً) [البقرة : ٤٨].
والجواب : [أن](٢) المعصية مع عظيم النّعمة تكون أقبح وأفحش ، فلهذا حذرهم عنها.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)(٤٨)
(يَوْماً) مفعول به ، [ولا بد من حذف](٣) مضاف أي : عذاب يوم أو هول يوم ، وأجيز أن يكون منصوبا على الظرف ، والمفعول محذوف تقديره : واتقوا العذاب في يوم صفته كيت وكيت.
ومنع «أبو البقاء» كونه ظرفا ، قال : «لأن الأمر بالتقوى لا يقع في يوم القيامة».
والجواب عما قاله : أن الأمر بالحذر من الأسباب المؤدّية إلى العقاب في يوم القيامة.
وأصل (اتَّقُوا :) «اوتقوا» ، ففعل به ما تقدم في (تَتَّقُونَ) [البقرة : ٢١].
قوله : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ).
التنكير في (نَفْسٌ) و (شَيْئاً) معناه أن نفسا من الأنفس لا تجزي عن نفس مثلها شيئا من الأشياء ، وكذلك في (شَفاعَةٌ) و (عَدْلٌ).
__________________
(١) في أ : خصصهم.
(٢) في ب : لأن.
(٣) في ب : فلا بد من مفعول.