فكلفوا أن يدخلوا الباب سجدا أولا ، ثم يقولوا «حطة» ، فذكر حكم كل قسم في سورة قاله ابن الخطيب.
وفيه نظر ؛ لأن هذا القول إنما كان مرّة واحدة.
وقال هنا : (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) بالواو ، وفي «الأعراف» بغير واو.
وقال ابن الخطيب : لأنه ذكر في «الأعراف» أمرين : قول الحطة ، وهو إشارة إلى التوبة ، ودخول الباب سجدا ، وهو إشارة إلى العبادة ، ثم ذكر جزاءين : قوله تعالى : (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ ،) وهو واقع في مقابلة قول الحطّة ، وقوله : (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ،) وهو واقع في مقابلة دخول الباب سجدا ، [فترك](١) الواو يفيد توزيع كل واحد من الجزاءين على كل واحد من الشرطين.
وأما في «البقرة» فيفيد كون مجموع المغفرة والزيادة جزاء واحدا لمجموع الفعلين.
وقال هنا : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً ،) وفي «الأعراف» زاد كلمة «منهم».
قال ابن الخطيب (٢) : لأنه ـ تعالى ـ قال : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ ،) فذكر أن منهم من يفعل ذلك ، ثم عدّد صنوف إنعامه عليهم ، وأوامره لهم فلما انتهت القصّة قال : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [فذكر لفظة «منهم» في آخر القصّة كما ذكرها في أول القصّة](٣) ليكون آخر الكلام مطابقا لأوله ، وأما هنا فلم يذكر في الآيات التي قبل قوله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) تمييزا وتخصيصا حتى يلزم في آخر القصة ذكر ذلك التخصيص.
وقال هنا : (فَأَنْزَلْنا) وفي [سورة](٤) «الأعراف» : (فَأَرْسَلْنا ،) وأتى بالمضمر دون الظاهر ؛ لأنه ـ تعالى ـ عدّد عليهم في هذه السّورة نعما جسيمة كثيرة ، فكان توجيه الذّم عليهم ، وتوبيخهم بكفرانها أبلغ من حيث إنه لم يعدّد عليهم هناك ما عدّد هنا.
فلفظ (٥) «الإنزال» للعذاب أبلغ من لفظ «الإرسال».
وقال ـ هنا : (يَفْسُقُونَ ،) وفي «الأعراف» : (يَظْلِمُونَ) تنبيها على أنهم جامعون بين هذين الوصفين القبيحين.
قوله تعالى : (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)(٦٠)
كسرت الذّال من «إذ» لالتقاء الساكنين ، والسين للطلب على وجه الدعاء أي : سأل
__________________
(١) في أ : فذكر.
(٢) ينظر الفخر الرازي : ٣ / ٨٧.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : ولفظ.