فقال : إنه ـ تعالى ـ قال أولا : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ثم قال بعده: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
فلو كان الملك عبارة عن القدرة لكان هذا تكريرا من غير فائدة ، والكلام في حقيقة الملك.
قوله تعالى : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)(١٠٨)
ذكروا في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوها :
أحدها : أنه ـ تعالى ـ لما حكم بجواز النسخ في الشرائع ، فلعلّهم كانوا يطالبونه بتفاصيل ذلك الحكم ، فمنعهم الله ـ تعالى ـ عنها ، وبين أنّهم ليس لهم أن يشتغلوا بهذه الأسئلة الفاسدة [كسؤالات قوم موسى عليه الصلاة والسلام](١).
وثانيها : لما تقدم من الأوامر والنواهي قال لهم : إن لم تقبلوا ما أمرتكم به وتمرّدتم عن الطاعة كنتم كمن سأل موسى عليهالسلام ما ليس له أن يسأله. عن أبي مسلم.
وثالثها : لما أمر ونهى قال : أتفعلون ما أمرتم أم تفعلون كما فعل من قبلكم من قوم موسى؟ و «أم» هذه يجوز أن تكون متّصلة معادلة [لقوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ) وهي مفرقة لما جمعته أي : كما أن «أو» مفرقة لما جمعته تقول : اضرب أيهم شئت زيدا أم عمرا ، فإذا قلت : اضرب أحدهم.
قلت : اضرب زيدا أو عمرا.
أو تكون منقطعة ، فتقدم ب «بل» والهمز ، ولا تكون إلّا بعد كلام تام كقوله : إنما الإبل أم شاء ؛ كأنه قال : بل هي شاء ، ومنه قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) [هود : ٣٥] أي : يقولون.
قال الأخطل : [الكامل]
٧٣٠ ـ كذبتك عينك أم رأيت بواسط |
|
غلس الظّلام من الرّباب خيالا (٢) |
ويكون إضرابا للالتفات من قصّة إلى قصة](٣).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر ديوانه : ٣٨٥ ، والأزهية : ١٢٩ ، وخزانة الأدب : ٦ / ٩ و ١٠ و ١٢ و ١٩٥ ، ١١ / ١٢٢ ، وشرح أبيات سيبويه : ٢ / ٦٧ ، وشرح التصريح : ٢ / ١٤٤ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ١٤٣ ، والكتاب : ٣ / ١٧٤ ، ولسان العرب [كذب] ، [غلس] ، ومغني اللبيب : ١ / ٤٥ ، والمقتضب : ٣ / ٢٩٥ ، والأغاني : ٧ / ٧٩ ، والصاحبي في فقه اللغة ١٢٥.
(٣) سقط في ب.