الثاني : أن الموصول ـ هنا ـ لقوم معيّنين وليس عامّا ، فلم يشبه الشرط ، فلم تدخل «الفاء» في خبره.
الثالث : أن صلته ماضية لفظا ومعنى ، فلم تشبه فعل الشرط في الاستقبال ، فلا يجوز دخول الفاء في الخبر.
فتعيّن أن يكون «أولئك» مبتدأ والموصول بصلته خبره ، و «فلا يخفف» معطوف على الصّلة ، ولا يضر تخالف الفعلين في الزمان ، فإن الصّلات من قبيل الجمل ، وعطف الجمل لا يشترط فيه اتحاد الزمان ، فيجوز أن تقول : جاء الذي قتل زيدا أمس ، وسيقتل عمرا غدا ، وإنما الذي يشترط فيه ذلك حيث كانت الأفعال منزلة منزلة المفردات.
وقيل : دخلت «الفاء» بمعنى جواب الأمر كقوله : أولئك الضّلال انتبه فلا خير فيهم.
فصل في تفسير تخفيف العذاب
حمل بعضهم عدم التخفيف على عدم الانقطاع ؛ لأنه لو انقطع لكان قد خفف ، وحمله آخرون على الشدّة لا على الدوام ، أو في كلّ الأوقات ، فإذا وصف عذابهم بأنه لا يخفّف عنهم اقتضى ذلك نفي جميع ما ذكرناه.
قوله : (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) يجوز في «هو» وجهان :
أحدهما : أن يكون في محلّ رفع بالابتداء ، وما بعده خبره ، ويكون قد عطف جملة اسمية على جملة فعلية وهي : «فلا يخفف».
والثاني : أن يكون مرفوعا بفعل محذوف يفسره هذا الظاهر ، وتكون المسألة من باب الاشتغال ، فلما حذف الفعل انفصل الضّمير ؛ ويكون كقوله : [الطويل]
٦٤٥ ـ فإن هو لم يحمل على النّفس ضيمها |
|
فليس إلى حسن الثّناء سبيل (١) |
وله مرجّح على الأول بكونه قد عطف جملة فعلية على مثلها ، وهو من المواضع المرجح فيها الحمل على الفعل في باب الاشتغال. وليس المرجح كونه تقدمه «لا» النافية ، فإنها ليست من الأدوات المختصة بالفعل ولا الأولى به ، خلافا لابن السيد حيث زعم أنّ «لا» النافية من المرجّحات لإضمار الفعل ، وهو قول [مرغوب عنه](٢) ولكنه قوي من حيث البحث. فقوله : (يُنْصَرُونَ) لا محلّ له على هذا ؛ لأنه مفسّر ، ومحلّه الرفع على الأولى لوقوعه موقع الخبر.
__________________
(١) البيت للسموأل في ديوانه : ٩٠ ، والدرر : ١ / ١٩٩ ، وله أو للجلاح الحارثي (عبد الملك بن عبد الرحيم) في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي : ١١١ ، والمقاصد النحوية : ٢ / ٧٧ ، خزانة الأدب : ٩ / ٤٢ ، وهمع الهوامع : ١ / ٦٣ ، و ٢ / ٥٩ ، والدر : ١ / ٢٩١.
(٢) في ب : غريب.