وقرأ ابن (١) أبي أسحاق : «المرء» بضم الميم مهموزا.
وقرأ الأشهب العقيلي والحسن : «المرء» بكسر الميم مهموزا.
فأما الضم فلغة محكية.
وأما الكسر فيحتمل أن يكون لغة مطلقا ، ويحتمل أن يكون ذلك للإتباع ، وذلك أن في «المرء» لغة وهي أن «فاءه» تتبع «لامه» ، فإن ضم ضمت ، وإن فتح فتحت ، وإن كسر كسرت ، تقول : «ما قام المرء» بضم الميم و «رأيت المرء» بفتحها ، و «مررت بالمرء» بكسرها ، وقد يجمع بالواو والنون ، وهو شاذ.
قال الحسن في بعض مواعظه : «أحسنوا ملأكم أيّها المرؤون» أي : أخلاقكم.
وقرأ الحسن ، والزهري «المر» بفتح الميم وكسر الراء خفيفة ، ووجهها أنه نقل حركة الهمزة على «الواو» وحذف الهمزة تخفيفا وهو قياس مطّرد.
وقرأ الزهري أيضا : «المرّ» بتشديد الرّاء من غير همز ، ووجهها أنه نقل حركة الهمزة إلى الرّاء ، ثم رأى الوقف عليها مشدّدا ، كما روي عن عاصم (مُسْتَطَرٌ) [القمر : ٥٣] بتشديد الراء ثم أجرى الوصل مجرى الوقف.
فصل في تفسير التفريق
ذكروا في تفسير التفريق هاهنا وجهين :
الأول : أن هذا التفريق إنما يكون بأن يعتقد بأن ذلك السحر مؤثر في هذا التفريق ، فيصير كافرا ، وإذا صار كافرا بانت منه امرأته ، فيحصل تفريق (٢) بينهما.
الثاني : أنه يفرق بينهما بالتمويه والحيل ، والتّضريب وسائر الوجوه المذكورة. وذكره التفريق دون سائر الصّور التي يتعلّمونها تنبيها على الباقي ، فإن ركون الإنسان إلى زوجته معروف زائد على مودّة قريبة ، فإذا وصل بالسحر إلى هذا الأمر مع شدّته فغيره أولى ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ) فإنه أطلق الضرر ، ولم يقصره على التفريق ، فدلّ على أنه إنما ذكره ؛ لأنه من أعلى مراتبه.
قوله : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ) يجوز في «ما» وجهان.
أحدهما : أن تكون الحجازية ، فيكون «هم» اسمها ، و «بضارين» خبرها ، و «الباء» زائدة ، فهو في محل نصب.
والثاني : أن تكون التميمية ، فيكون «هم» مبتدأ ، و «بضارّين» خبره ، و «الباء» زائدة أيضا فهو في محل رفع.
__________________
(١) انظر جميع هذه القراءات في الشواذ : ٨ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٨٨ ، والبحر المحيط : ١ / ٥٠٠ ، والدر المصون : ١ / ٣٢٥.
(٢) في ب : تفرق.