وأما حذف المؤكد وإبقاء التوكيد ، فالصحيح لا يجوز.
وأما التمييز فلا يقع معرفة ، وما ورد نادر أو متأول.
وأما النصب على التشبيه بالمفعول ، فلا يكون في الأفعال إنما يكون في الصّفات المشبهة خاصة.
فصل في مناسبة الآية لما قبلها من الآيات
لما ذكر أمر إبراهيم ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ وشرائعه التي ابتلاه الله بها ، وبناء بيته ، والحرص على مصالح عباده ، ودعائه [بالخير لهم](١) ، وغير ذلك عجب الناس فقال : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ).
قال النحاس : وهو تقريع وتوبيخ وقع فيه معنى النفي ، أي وما يرغب والمعنى : يزهد فيها ، وينأى بنفسه عنها ، أي : الملّة وهي الدين والشرع ؛ إلّا من سفه نفسه.
قال قتادة : وكل ذلك توبيخ اليهود ، والنصارى ، ومشركي العرب ؛ لأن اليهود إنما يفتخرون بالوصلة إلى إسرائيل وقريش ، فإنهم إنما نالوا كلّ خير بالبيت الذي بناه ، [فصاروا لذلك يدعون إلى كتاب الله](٢) ، وسائر العرب ، [وهم العدنانيون](٣) مرجعهم إلى إسماعيل ، وهم يفتخرون على [القحطانيين](٤) بما أعطاه الله ـ تعالى ـ من النبوة ، فرجع عند التحقيق افتخار الكل بإبراهيم عليهالسلام ، ولما ثبت أنّ إبراهيم ـ عليهالسلام ـ هو الذي طلب من الله ـ تعالى ـ بعثة هذا الرسول في آخر الزمان ثبت أنه هو الذي تضرع إلى الله ـ تعالى ـ في تحصيل هذا المقصود ، والعجب ممن [أعظم مفاخره وفضائله الانتساب إلى إبراهيم عليهالسلام](٥) ثم إنه لا يؤمن بالرسول الذي هو دعوة إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ومطلوبه بالتضرّع لا شك أن مما يستحق أن يتعجب منه.
[فإن قيل : لعل الرسول عليه الصلاة والسلام الذي طلب إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعثه غير هذا الشخص.
فالجواب أن التوراة والإنجيل شاهدة بصحة هذه الرواية ، والمعتمد في إثبات نبوته صلىاللهعليهوسلم وظهور المعجزة على يده ، وهو القرآن الكريم وإخباره عن الغيوب منسوخ ، ولفظ «الملة» يتناول الفروع والأصول ؛ فيكون محمدا عليه ـ الصلاة والسلام ـ.
والجواب لمّا أنه طلب من الله بعثه هذا الرسول وتأييده ونشر شريعته ، عبر عن هذا المعنى بأنه ملة إبراهيم](٦).
__________________
(١) في أ : له.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : عرب.
(٤) في أ : غيرهم بإسماعيل.
(٥) في أ : يفتخر بإبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، وفضيلة الانتساب إليه.
(٦) سقط في ب.