٤٩٠ ـ هم جمعوا بؤسى ونعمى عليكم |
|
فهلّا شكرت القوم إذ لم تقاتل (١) |
ومن المتعدّي بحرف الجر قوله تعالى : (وَاشْكُرُوا لِي) [البقرة : ١٥٢] ، وسيأتي هناك تحقيقه.
فصل في الرد على المعتزلة
قالت المعتزلة : إنه ـ تعالى ـ بيّن أنه عفا عنهم ، ولم يؤاخذهم لكي يشكروا ، وذلك يدلّ على أنه ـ تعالى ـ لم يرد منهم إلا الشكر.
والجواب : لو أراد الله ـ تعالى ـ منهم الشكر لأراد ذلك ، إنما شرط أن يحصل للشّاكر داعية للشكر أولا بهذا الشرط ، والأول باطل ؛ إذ لو أراد ذلك بهذا الشّرط ، فإن كان هذا الشرط من العمد لزم افتقار الدّاعية إلى داعية أخرى ، وإن كان من الله بحيث خلق الله الدّاعي حصل الشكر لا محالة ، وحيث لم يخلق الدّاعي استحال حصول الشكر ، وذلك ضد قول المعتزلة ، وإن أراد حصول الشّكر منه من غير هذه الداعية ، فقد أراد منه المحال ؛ لأن الفعل بدون الدواعي محال. فثبت أن الإشكال وارد عليهم.
قوله تعالى : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(٥٣)
«الكتاب» و «الفرقان» مفعول ثان ل «آتينا».
وهل المراد بالكتاب والفرقان شيء واحد ، وهو التوراة؟
كأنه قيل : الجامع بين كونه كتابا منزّلا ، وفرقانا يفرّق بين الحقّ والباطل ، نحو : رأيت الغيث واللّيث ، وهو من باب قوله : [المتقارب]
٤٩١ ـ إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
.......... (٢) |
أو لأنهم لمّا اختلف اللفظ ، جاز ذلك ؛ كقوله : [الوافر]
٤٩٢ ـ فقدّمت الأديم لراهشيه |
|
وألفى قولها كذبا ومينا (٣) |
__________________
ـ ينظر الأعلام : ٥ / ٨٤ (٥٥١) ، الأصنام لابن الكلبي : ٨ واللباب : ١ / ٣٦٠ ، البداية والنهاية : ٣ / ١٨٧ ـ ١٨٩ ، السيرة لابن هشام : ١ / ٢٧.
(١) ينظر البيت في معاني القرآن للفراء : ١ / ٩٢ ، الطبري : ٣ / ٢١٢ ، والدر المصون : ١ / ٤٢٤.
(٢) تقدم برقم (١٢٨).
(٣) البيت لعدي بن زيد ينظر ذيل ديوانه : ص ١٨٣ ، والأشباه والنظائر : ٣ / ٢١٣ ، وجمهرة اللغة : ص ٩٩٣ ، والدرر : ٦ / ٧٣ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٧٧٦ ، ولسان العرب (مين) ، والشعر والشعراء : ١ / ٢٣٣ ، ومعاهد التنصيص : ١ / ٣١٠ ، وبلا نسبة في مغني اللبيب : ١ / ٣٥٧ ، وهمع الهوامع : ٢ / ١٢٩ ، الدر المصون : ١ / ٢٢٥ ، وصوابه :
فقدّدت الأديم لراهشيه
انظر الشعر والشعراء : ١ / ٣٣.