وقال الخليل : كل موضع حلّه الناس ، وإن لم يكن أبنية.
[وقيل : سميت دارا لدورها على سكانها ، كما سمي الحائط حائطا لإحاطته على ما يحويه](١).
و «النفس» مأخوذ من النّفاسة ، فنفس الإنسان أشرف ما فيه.
وقوله : (ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ).
قال أبو البقاء (٢) : فيه وجهان :
أحدهما : أن «ثمّ» على بابها في إفادة العطف والتراخي ، والمعطوف عليه محذوف تقديره: فقبلتم ، ثم أقررتم.
والثاني : أن تكون «ثم» جاءت لترتيب الخبر لا لترتيب المخبر عنه ، كقوله تعالى : (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ) [يونس : ٤٦].
قوله : (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) كقوله : (وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) [البقرة : ٨٣] وفيها وجوه :
أحدها : أقررتم بالميثاق ، ثم اعترفتم على أنفسكم بلزومه ، وأنتم تشهدون عليها ، كقولك : فلان مقرّ على نفسه بكذا ، شاهد عليها.
وثانيها : اعترفتم بقبوله ، وشهد بعضكم على بعض بذلك ؛ لأنه كان شائعا بينكم مشهورا.
وثالثها : وأنتم تشهدون اليوم يا معشر اليهود على إقرار أسلافكم بهذا الميثاق.
ورابعها : أن المراد بهذا الإقرار الذي هو الرّضا بالأمر والصبر عليه ، كما يقال فلان لا يقر على الضّيم ، فيكون المعنى أنه ـ تعالى ـ أمركم بذلك ، ورضيتم به ، وأقمتم عليه ، وشهدتم على وجوبه وصحته.
فإن قيل : لم قال : (أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) والمعنى واحد؟
فالجواب من ثلاثة أوجه :
أحدها : أقررتم يعني أسلافكم ، وأنتم تشهدون الآن على إقرارهم.
الثاني : أقررتم في وقت الميثاق الذي مضى ، وأنتم بعد ذلك تشهدون [بقلوبكم](٣).
الثالث : أنه للتأكيد.
قوله : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) فيه سبعة أقوال :
أحدها : وهو الظاهر أن «أنتم» في محل رفع بالابتداء ، وهؤلاء خبره و «تقتلون»
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر الإملاء : ١ / ٤٨.
(٣) سقط في ب.