الصلاة والسلام : «دعي الصّلاة أيّام أقرائك» (١) فمدّة الحيض تسمى أياما ، وأقلّ عدد يسمى أياما ثلاثة ، وأكثره عشرة على ما بيّنا ، وعليه الإشكال المتقدم.
قوله : (أَتَّخَذْتُمْ) الهمزة للاستفهام ، ومعناها الإنكار والتّقريع ، وبها استغني عن همزة الوصل الدّاخلة على «أتخذتم» كقوله : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ) [سبأ : ٨] (أَصْطَفَى) [الصافات : ١٥٣] وبابه. وقد تقدم القول في تصريف «أتّخذتم» وخلاف أبي علي فيها.
ويحتمل أن تكون هنا لواحد.
وقال أبو البقاء : وهو بمعنى «جعلتم» المتعدية لواحد.
ولا حاجة إلى جعلها بمعنى «جعل» لتعديها لواحد ، بل المعنى : هل أخذتم من الله عهدا؟ ويحتمل أن يتعدّى لاثنين ، الأول «عهد» ، والثاني «عند الله» مقدما عليه ، فعلى الأول يتعلّق «عند الله» ب «اتّخذتم».
وعلى الثاني يتعلّق بمحذوف.
ويجوز نقل حركة همزة الاستفهام إلى لام «قل» قبلها ، فتفتح وتحذف الهمزة.
وهي لغة مطّردة قرأ بها نافع في رواية ورش عنه.
قوله : (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ) هذا جواب الاستفهام المتقدم في قوله : (أَتَّخَذْتُمْ).
وهل هذا بطريق تضمين الاستفهام معنى الشرط ، أو بطريق إضمار الشّرط بعد الاستفهام وأخواته؟
قولان [تقدم تحقيقهما](٢) واختار الزمخشري القول الثاني ، فإنه قال : (فَلَنْ يُخْلِفَ) متعلّق بمحذوف تقديره : إن اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده.
وقال ابن عطية : (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) : اعتراض بين أثناء الكلام» كأنه يعني بذلك أن قوله : (أَمْ تَقُولُونَ) معادل لقوله : «أتخذتم» فوقعت هذه الجملة بين المتعادلين معترضة ، والتقدير أيّ هذين واقع اتخاذكم العهد أم قولكم بغير علم؟ فعلى هذا لا محلّ لها من الإعراب ، وعلى الأول محلها الجزم.
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ١٤٦ عن عائشة ولفظه : دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي كتاب الحيض باب إذا حاضت في شهر حديث رقم ٣٢٥ والنسائي في السنن كتاب الحيض باب ٣.
وابن ماجه في السنن حديث رقم (٦٢٣) ـ وأحمد في المسند (٦ / ٤٢ ، ٢٦٢) ـ والدار قطني في السنن (١ / ٢١٢).
والبيهقي في السنن ١ / ٣٢٥ ـ وذكره القرطبي في التفسير ٢ / ١٠ وابن كثير في التفسير ١ / ٣٩٧ ـ وابن حجر في تلخيص الحبير ١ / ١٧٠.
(٢) سقط في ب.