بحث ، ويجب أن تكون واحدة من أنواع معيّنة ..
أمّا البحث الذي لا يعلم صاحبه إلى أين سيؤدّي به ، ولا النتائج التي قد يسفر عنها ولا يأبه سلفاً بها ، فمحرّم في الإسلام ، حتى أنّ اللهو أو التسلية البريئة يجب أن يجد لهما من النفع ما يبرّر الانغماس فيهما .. كذلك المرح المرفّه عن النفس يجب إخفاؤه وستره بأقنعة من أمثال وأقوال حكيمة وأخبار عن فكاهات الأوّلين المتزمّتين ونكاتهم المرحة ..
فإنّ النفس البشريّة الحرّة المتطوّرة الواثقة من ذاتها لا يسمح لها أن تسير سيرها الطبيعي في الحياة مهما كانت دوافع هذه النفس طاهرة بريئة ، بل يجب أن تتكيّف لتلائم الأوضاع الصارمة والنماذج التقليديّة التي كانت تفرضها مختلف الفلسفات والنزعات الفكريّة (١). (٢)
نقول : إنّنا على ثقة كبيرة واطمئنان كامل لو قُدّر أن تخضع كلّ الإمكانيّات والقيم والمُثُل الغربيّة للإرادة الإسلاميّة لما انتُشل أو التُقط منها شيئاً إلاّما أقرّه الإسلام ضمن مبادئه ومفاهيمه ; لسبب واحد بسيط مفاده : وجود حالة من التكيّف والتناغم والتحاور في هذا الدين ، تفتح آفاقاً من القراءات المستمرّة واختراقات لأبواب اللاّمفكّر فيه ، فكلّ شيء عندنا في تطوّر .. هكذا يفيدنا الأصل والثابت من الدين ; أما أنّنا لِمَ في ما لا يناسبنا منذ أمد طويل ، فلقد كرّرنا الإشارة إلى أنّ مردّه ضعف الأساليب والأدوات لا ضعف المحتوى والمضمون ..
__________________
١ .. The Religious Attitude und life in Islam ١٢١, ١٢٣ (Chicago ١٩٠٩) ..
٢ .. اُنظر في ذلك كلّه : فرانتز روزنتال ، ترجمة أنيس فريحة ، مراجعة وليد عرفات ، مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي ص ١٤ ـ ١٧ (دار الثقافة ، بيروت) ..