فالفكر التربوي والتربية الفكرية عموماً يولدان من رحم العقيدة التي ينضويان تحت لوائها وينموان في أحضانها ويتأ ثّران بكلّ خصائصها ومقوّماتها ، فهما مصداق من مصاديق هويّتها وعنوانها ..
ولو قلّبنا صفحات الفكر والتربية والتأريخ لوجدنا ـ مثلاً ـ في اليونان القديم وفي اسبارطة بالذات أنّه جرى التركيز على إعداد الإنسان القوي القادر على الدفاع عن الدين والدولة ، ممّا مثّل انعكاساً للايديولوجيا والعقيدة القائمة آنذلك ..
وكذا أرسطو لمّا دعا إلى التدرّج في الإنشاء والإعداد ، حيث يبدأ جسمياً ثم خلقياً ثم فكرياً ..
أو المسيحية من خلال استخدامها مناهج عبر الكنيسة ، حيث اتّجهت في القرن الرابع إلى انقاذ المجتمع الروماني من الأزمة المادّية الحادّة ، فكان التوجّه إلى الرهبنة والاعتكاف في صوامع فردية هي الصورة البارزة لوضع المجتمع آنذاك ...
بينما نرى الحركة المدرسية في القرن الحادي عشر بزعامة «توما آلاكويني» قد دعت إلى بناء الحياة العقلية ودراسة الفلسفة والمنطق وتعبئة الذهن البشري بأكبر ما يمكن من هذه المعارف ، مضافاً إلى غرس الرؤى الدينية في نفوس التلامذة ...
حتى قيل : وهذا التناقض والاضطراب والتأرجح في مناهج المسيحية يعني أنّها ـ كديانة ـ جاءت لمعالجة مشكلات محدودة زمنياً ،