يتحصّل من كلّ ذلك : أنّنا محكومون ـ في كلّ الافتراضات والاحتمالات ـ بالتغيير ، الذي بإمكانه تخفيف وطأة الأخطاء والقرارات المستعجلة ، ويعيدنا إلى دائرة المنافسة من جديد ، ويفوّت الفرصة على سائر الرؤى والمناهج التي تترقّب الشرخ والفجوة لتنفذ بكلّ ثقلها ووجودها كي تنال المرام والمقصود ..
إنّ ثقافة حذف الآخر ونفيه والنيل منه لا تزال حاكمة في كلّ مجال ، وليس في الاُفق ما يلوح بزوالها وضمورها ، ولعلّ ازدياد حدّتها وارتفاع سخونتها هما المتوقّعان ، بل حاصلان واقعاً وحقيقةً ، طبق الاستقراءات والمطالعات الموجودة ، وهذا الفضاء وإن لم يعد يخيفنا كثيراً ـ إذ قد تمرّسنا عليه واكتسبنا الخبرة التاريخيّة إزاءه ـ إلاّ أنّ الذي يخيفنا حقّاً هذا الصراع السلبي الدائر داخل الأنا ، فيقتسمها ويشطّرها إلى دوائر وحلقات وأنصاف ومثلّثات ونقاط تصادم وتناحر ، وهذه الأنا التي نخرها الصراع المعهود ومحاولات الحذف الذاتي كيف لها التماسك والاستقامة قبال الآخر الذي تجاوز مفاهيم الرحمة والسماحة وجعل من «الحذف» نسقاً يأخذنا به إلى حيث يرغب ويريد ..
فمضافاً إلى كوننا محكومين بالتغيير فإنّنا محكومون أيضاً بتقديم تنازلات صعبة لبعضنا البعض كي تظلّ «الأنا الإيجابيّة» محافظة على وجودها وتطلّعها نحو النموّ والانتشار ..