الأحكام والقوانين كاللقمة السائغة إليه بلا بعثرة وتشطير ونقص وغموض ، فهو لا يستسيغ مثلاً : سوى أنّ غداً هو الأوّل من شهر رمضان فيصوم أو الأوّل من شوّال فيفطر ، أو أنّ السعي هو بين الصفا والمروة و «هما هذان» فيسعى بينهما طبق المسافات المحدّدة له طولاً وعرضاً ، أو أنّ هذا غناءٌ فهو حرام وليس غناءً فحلال ... أمّا أنّ المجتمع ـ الذي هو عبارة عن «العرف» ـ هو الذي يحدّد هذه الموضوعات وما سواها ، فإنّها وظيفة شاقّة جدّاً على المجتمع ، ولعلّه نوع هروب إلى الأمام قام به الكيان المتصدّي فأوقع ـ بلا قصد ـ المجتمع في شراك التخبّط والحيرة والوهم ، ناهيك عن عدم حسم كثير من «الموضوعات» التي أحالها الكيان الديني على المجتمع «العرف» ، فحينما تُذكَر حوالي عشرة تعريفات للغناء في الكتب الفقهيّة المعتمدة ولا يتعيّن أيّ منها عند ذلك الفقيه الكبير فكيف يفهم المجتمع ذو الغالبيّة العظمى غير المختصّة وعياً وممارسةً أنّ تلك الحصّة الخاصّة هي غناء فيحرم أداؤه وسماعه و ....
من هنا ينبغي تكرار محاولات الفهم لذلك المطلق لاستحلاب نسبيٍّ يكون قادراً على مكادحة الحاجة الزمانيّة والمكانيّة ، ولا شكّ أنّ رواشح القرآن الكريم والنصّ عموماً المدعومة بخطوات العقل وجهوده العلميّة ستوفّر بلا شكّ فضاءً من الفاعليّة والنشاط والنموّ القائم على الاُصول والثوابت ، الآخذ بنظر الاعتبار المتغيّرات المختلفة ، فتكون الفكرة كما ينبغي لها أن تكون من التوفّر على الخصائص والمعايير والمواصفات الآنفة الذكر ..